10 شوال 1445 هـ   18 نيسان 2024 مـ 2:01 صباحاً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

 | شخصيات إسلامية |  أبو فراس الحمداني... الملك الذي حمل السيف والقرطاس
2022-02-11   2486

أبو فراس الحمداني... الملك الذي حمل السيف والقرطاس

أسمه الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي، من مواليد القرن الرابع الهجري، وبالتحديد في العام 320هـ.
يرجع نسب الحمداني الى بني حمدان التي ترجع الى تغلب وهي من القبائل العربية العريقة، جاءت من اليمن السعيد، واستقرت أول الأمر في الحجاز ثم عند حدود الشام ثم انتقلت الى موصل العراق. 
ولد الحمداني في أسرة مرفهة، حيث كان ابوه ـ سعيد بن حمدان ـ واليا على مدينة الموصل، وقد قتل ولما يكمل أبو فراس عامه الثالث، بسبب النزعات العشائرية والسياسية آنذاك، وبقي وحيدا لأمه التي كانت على ما يبدو جارية رومية.
من جهة أخرى، فإن أبو فراس أبن عم سيف الدولة الحمداني، وقد زوجه سيف الدولة من أخته بعد أن أسست حكومته في حلب السورية.
وعلى الرغم من نشأة الحمداني يتيماً، فإن والدته الرومية كانت قد ربته على فضائل العرب وشيمهم، فأصبح فارس ميدان العقل والفراسة والشجاعة والرياسة، وجمع بين ريادة الشعر وقيادة العسكر، كونه يمتاز بهيبة الأُمراء ولطف الشعراء، ومفاكهة الأُدباء.
كما استفاد أبو فراس من صلة قرابته بسيف الدولة، وحصل وفقا لذلك على رعاية كبيرة منه، خصوصا في مجال التعليم فضلا عن الفروسية، ناهيك عن استفادته من مجالس العلماء والأدباء ممن كان يجتمع في أروقة بلاط سيف الدولة، وعلى راس هؤلاء الأدباء ابن خالويه الذي أصبح فيما بعد راوياً لشعر أبي فراس وشارحاً لديوانه.
تدرج أبو فراس في عدة مناصب سياسية وعسكرية، فضلا عن الأدبية، وذلك منذ فترة شبابه، حيث صار حاكماً على مدينة منبج وهو لم يكمل بعد السابعة عشر من عمره، فضلا عن اشتغاله بجانب سيف الدولة اثناء حروبه المتواصلة مع الروم والمناوئين له من العرب، حتى أنه حوصر ذات مرة اثناء رحلة من رحلاته صيده، من الجيش الرومي وصار أسيرا لديهم، لفترة طويلة، وهو ما  دعى والدته لمناشدة سيف الدولة ليجد حل لإطلاق سراح ابنها، إلا إن سيف الدولة تماهل في ذلك، وهو ما أحزن أبا فراس كثيرا، حتى نال حريته في عام  355 هـ، بعد صفقة لتبادل السرى بين الدولة الحمداني والجيش الرومي.
اخذت المنية أبا فراس مقتولا بعدما قُتل سيف الدولة، بسيف من سيوف جند سيف الدولة ـ حسب رأي بعض المؤرخين ـ خيفة من طموحه في خلافة ابن عمه، بعدما صار رأي الجميع في اختيار أبو المعالي بن سيف الدولة حاكما بدلا من والده.
ويرى مؤرخون أخرون بأن أبا فراس لم يكن راضياً عن استيلاء قرغوية ـ غلام من غلمان سيف الدولة ـ على الحكم بسبب صغر سن أبي المعالي، حتى دارت الشكوك بين الطرفين ـ أبو فراس وأبو المعالي ـ وقتل الأخير صاحبه بجنود الخفية كما يقال وذلك عام 357 هـ ليدفن في حمص السورية.
أدبيا... أبدع الحمداني في اكتشاف ما يسمى بالروميات او الحسبيات، وصار رائدها وصاحب قدم السبق فيها، كما أبدع في الكتابة لأهل البيت النبوي الشريف، خصوصا في رثاء الإمام الحسين عليه السلام، فضلا عن قصائد أخرى في فضائل وشمائل أئمة أهل البيت عليهم السلام، ومن ذلك قوله:
والله يشهد والأملاك والأمــــــــــــم قام النبي بهــــــــــا يوم الغدير لهم
حتى إذا أصبحت في غير صاحبها باتت تنازعها الذؤبـــــــان والرخم
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا مأمونكم كالرضا لو أنصف الحكم 

كما تميز شعره بكونه مشهورا سيّارا بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة، فيجتمع فيه سمة الظّرف وعزّة الملك، وهو ما جعل الدارسين لشعره ان يجعلوه بمقدم عن ابن المعتز، حتى إن الصاحب ابن عباد قال فيه: "بدأ الشعر بملك وختم بملك" وهو يقصد بذلك إمرؤ القيس وأبا فراس.

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م