10 شوال 1445 هـ   19 نيسان 2024 مـ 5:42 مساءً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

 | حقوق الإنسان |  فلا تقهر ... حق اليتيم في التشريع الإسلامي
2021-10-12   1436

فلا تقهر ... حق اليتيم في التشريع الإسلامي

يتناول الإسلام، المجتمع بمبادئ الرحمة والعطف، ومن ذلك تهيئته لمنظومة تكافلية متكاملة، يعالج من خلالها جميع الأوبئة الاجتماعية؛ ومن ذلك حالات اليتم، إذ منح الإسلام اليتيم حقوقا ليس لمجتمع مهما تقدم ان يمنحها له، كونه لاحظ ما لم يلحظه غيره في ضرورة معالجة هذه الشريحة والمنع من وقوعها فريسة لحالات العوز والحاجة والفقر. 
 فبدءً من ((فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ))(الضحى ـــ9) وصولا لــ ((ولكن الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ على حُبِّهِ ذَوِي القربى واليتامى))(البقرة ـــ177)، و((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليتامى قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ))(البقرة ـــ220)، و((وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو القربى واليتامى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا))(النساء ـــ 8) و((وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ))(الإسراء ـــ43)، وغير ذلك كثير؛ معطوفا على ما سّن له النبي الأكرم من سُنّة وضاءة في التعامل مع اليتامى على أساس الرفق والإحسان؛ ومن ذلك قاعدته في ضمان الجنة لمن أعال يتيما "من عال يتيما حتى يستغني عنه، أوجب الله عزّ وجل له بذلك الجنّة، كما أوجب الله لآكل مال اليتيم النار"، بل وقرن رسول الله نفسه رفيقا له في الجنة حيث قال "أنا وكافل اليتيم في الجنّة كهاتين"، وبغير الجانب المادي، فقد أولى الإسلام اليتيم حقوقا أخرى ومنها الاهتمام به وإشعاره بالمودة والحب، إذ أوصى نبي الرحمة قائلا "كن لليتيم كالأب الرحيم، واعلم أنك تزرع ما تحصد"، بل وأعتبر أن مداراة اليتيم نوع من المران القيمي للقلب بما يمنعه من الجشب والخشونة، إذ قال عليه وآله الصلاة والسلام "إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم"، وليس ببعيد عن ذلك ما كان يوصي به أمير المؤمنين حتى ساعاته الأخيرة "الله اللّه في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم، فقد سمعت رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله: من عال يتيماً حتى يستغني أوجب الله عزّ وجل له بذلك الجنة".
وبذلك فقد سبق الإسلام التأسيسات الأممية والدولية بمئات السنين؛ بخصوص معالجة ملفة الأيتام؛ بما يمنحها المعالجة المستحقة؛ كونها ضرورة اجتماعية كبيرة تمثل تحديا خطيرا، لا يمكن ان يُعالج الا من خلال التنظيم الاجتماعي الذي يعوض هؤلاء ما فقدوه ماديا وروحيا قبل أن يصيروا الى بيئة جدبة ومقفرة تتسم بحالات من التشرد والتسول وما يستتبع ذلك من كوارث مجتمعية. 

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م