15 شوال 1445 هـ   24 نيسان 2024 مـ 10:26 مساءً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

 | شخصيات إسلامية |  قنبر ... الحاجب الأمين والعابد الورع والعارف المتكلم
2022-03-05   1373

قنبر ... الحاجب الأمين والعابد الورع والعارف المتكلم

أسمه قنبر بن حمدان، المكنى بأبي همدان، من أعلام القرن الهجري الأول، وهو مولى الإمام علي عليه الصلاة والسلام، واشهر ما أشتهر به هو شدة التصاقه ومرافقته لأمير المؤمنين عليه السلام، لذا فهو ليس مجرد خادما، إنما حاجبا أمينا وتلميذا متابعا ومرافقا مخلصا، نهل من المنبع العلوي الصافي وتربى في بيت الإمامة حيث علي وفاطمة والحسنين عليهم السلام، كما كان رضوان الله تعالى عليه من السابقين الذين عرفوا حق أمير المؤمنين عليه السلام، وثبتوا على ولايته، ناهيك عن فضيلة مواقفه الدفاعية المشرفة عن أهل البيت عليهم السلام، حتى قيل أنه تتبع أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة، فرآه الإمام عليه السلام، وقال له: "مَا لَكَ يا قنبر؟"، فقال قنبر: "جئتُ لأمشي خلفك"، فقالي عليه السلام: "وَيحك!! أمِنْ أهلِ السماء تحرُسني أم من أهل الأرض؟"، فقال قنبر: "لا، بل من أهل الأرض"، فقال عليه السلام: "إنَّ أهلَ الأرضِ لا يستطيعونَ شيئاً إلا بإذن الله"، وهو ما يدل على أنه كان شديد الملازمة للإمام علي عليه السلام في جميع مواطنه، ومنفّذاً لجميع أوامره، مدافعا عنه بالقول والفعل، بدء من تسنمه مسؤولية بيت مال المسلمين ابان حكومة الإمام علي عليه السلام في الكوفة، مرورا بمشاركته في الحروب التي خاضها الإمام علي عليه السلام ومنها معركة صفين التي رفع فيها لواء جيش الإمام علي عليه السلام قبالة راية العدو التي حملها غلام عمرو ابن العاص، وقد ابلى فيها قنبر رضوان الله تعالى عليه شجاعة فائقة حتى أنه قتل "حرب" غلام معاوية لعنه الله، كما انه له وشما بطوليا أخر، يوم جرح رضوان الله تعالى عليه عندما كان برفقة الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام، لحظة دخول الثوار على عثمان بن عفان. 
كما كان قنبر رضوان الله تعالى عليه من خواص شرطة الخميس بمعية أويس القرني وميثم التمار ومالك الأشتر وكميل بن زياد وحبيب بن مظاهر الأسدي.
وعُرف قنبر رضوان الله تعالى عليه بكونه رجلا عابدا ورعاً، عارفاً متكلّماً، وهو ما جعله يحوز هذه المنزلة عند أمير المؤمنين عليه السلام حتى قال فيه الإمام الصادق عليه السلام: "كانَ قنبرٌ غُلامَ عَليٍّ، يُحب علياً حُباً شَديداً". 
وقد خصه أمير المؤمنين علي عليه السلام بتبيان فضيلة ولاية أهل البيت بخطاب خاص، جاء فيه: "يا قنبر، إنّ الله تبارك وتعالى عرض ولايتنا على أهل السماوات وأهل الأرض من الجنّ والإنس والثمر وغير ذلك، فما قبل منه ولايتنا طاب وطهر وعذب، وما لم يقبل منه خبث وردئ ونتن".
ولعدالته وورعه، شهد قنبر للإمام علي عليه السلام في أكثر من موطن، منها يوم ترافع عليه السلام إلى القاضي شريح بخصوص يهودي أخذ درع الإمام عليه السلام، فطلب شريح من الإمام من يشهد له، فحضر الإمام الحسن عليه السلام وقنبر رضوان الله تعالى عليه.
ولشدة ايمانه بعدالة الإمام علي عليه السلام، يروى أن الإمام عليه الصلاة والسلام أمر ذات يوم قنبرا بأن يضرب رجلاً حداً، فغلُظ قنبر فزاده ثلاثة أسواط، فأمر الإمام علي عليه السلام الرجل بأن يقتص من قنبر بثلاث ضربات، ففعل برضا من قنبر رضوان الله تعالى عليه. 
وقد نال قنبر حسن التأديب من سيده ومولاه الإمام علي عليه السلام، وصار بذلك أواه حليما، إذ يروى أن أمير المؤمنين عليه السلام سمع رجلاً يشتم قنبرا، وقد رام قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين عليه السلام: "مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهاناً، تُرضِ الرحمن، وتُسخط الشيطان، وتعاقب عدوك".
وقد استشهد قنبر رضوان الله تعالى عليه بأمر من الطاغية الحجاج لعنه الله، نكاية بحبه رضوان الله تعالى عليه للإمام علي عليه السلام، حتى قيل في استشهاده، أن الحجاج بن يوسف الثقفي سأل قنبرا رضوان الله تعالى عليه: "مولى مَن أنت؟"، فقال قنبر رضوان الله تعالى عليه: "أنا مولى مَن ضرب بسيفين، وطعن برمحين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين، ولم يكفر بالله طرفة عين...."، فقال له الحجاج: "ما الذي كنت تلي من أمر علي بن أبي طالب؟"، فقال قنبر رضوان الله تعالى عليه: "كنت أوضّيه"، فقال الحجاج لعنه الله "ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟"، فقال قنبر رضوان الله تعالى عليه: "كان يتلو هذه الآية: ((َلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ(45))(سورة الأنعام ـ44 ـ45)، فقال الحجّاج لعنه الله: "كان يتأوّلها علينا؟"، فقال قنبر رضوان الله تعالى عليه: "نعم"، فقال الحجاج لعنه الله: "ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك؟"، فقال قنبر رضوان الله تعالى عليه: "إذاً أسعد وتشقى"، فغضب الحجاج لعنه الله وأمر بقتله، ليدفن في بغداد، وقيل بحمص.
ولقنبر ذرية عرفت بولائها لأهلب البيت عيلهم السلام، ومنهم أبي جبير ابن قنبر، وقد روى عن أبيه، وسالم بن قنبر وأبو الفضل العباس بن الحسن بن خشيش القنبري، ونعيم بن سالم بن قنبر، كما يقال بأن في مدينة همدان مسجدين معروفين هما مسجد هاني في نيشابور، ومسجد شادان في سبزوار، وقد سميا كذلك نسبة لأولاد قنبر.

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م