11 شوال 1445 هـ   20 نيسان 2024 مـ 6:54 صباحاً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

2018-07-25   6599

المرأة في الإسلام... عبقرية السكينة وعالم السكن

أنّ دور المرأة في تكوين القاعدة النفسية لبناء الاُسرة أكبر من دور الرّجل الذي عبّر عنه القرآن بقوله: ((وخلق منها زوجها ليسكن اليها)).
  فالزوج هو الذي يسكن الى الزوجة، ويستقرّ بالعيش معها، فهي مركز الاستقطاب إطار الاستقرار والودّ والمحبّة، فيتحدّث القرآن عن السكن، في مواضع عديدة، ومن خلال ذلك نستطيع أن نفهم معناه الذي توفّره الزوجة لزوجها:
((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون)) (الروم ـ 21)، (وجعل منها زوجها ليسكن إليها)) (الأعراف ـ 189).
ونفهم قيمة السكن، في الاجتماع عندما نعرف أنّ القرآن وصف العلاقة بين الزّوج والزّوجة بأنّها علاقة: سكن وودّ ورحمة، وإذن فلنقرأ كلمة (سكن) في مواضع عدّة من القرآن، لنعرف دلالتها الاجتماعية والاُسريّة، قال تعالى: ((جعل لكم اللّيل سكناً)) أي يسكن فيه النّاس سكون الرّاحة.
وقال تعالى: ((صلِّ عليهم انّ صلاتك سكن لهم))، أي إنّ دعواتك يسكنون اليها، وتطمئن قلوبهم بها، والسكينة فعيلة من السكون، يعني السكون الذي هو وقار، لا الذي هو فقد الحركة.
((هو الّذي أنزل السّكينة في قلوب المؤمنين))، أوجد الثبات والاطمئنان.
وأوضح اللّغويّون معنى (السكن) بقولهم: وسكن الريح: هدأت، وسكن النّفس بعد الاضطراب: هدأت، وسكن النفس اليه: استأنس به، واستراح اليه... والسّكن: المسكن، وكل ما سكنت اليه، واستأنست به، والزّوجة والنّار، أي يأنس بها الإنسان لتبديدها الظلمة وتوفير الدفء ولإنضاجها الطعام، والرحمة والبركة والقوت.
والسكينة: الطمأنينة والاستقرار والرّزانة والوقار.
وهكذا نفهم معنى السكن، الذي توفِّره الزّوجة لزوجها وأسرتها، وهو: الرّاحة والاستقرار والاستئناس والرّحمة والبركة والوقار، كما نفهم سر اختيار القرآن لهذه الكلمة الجامعة لمعان عديدة.
 
الأسباب والدوافع القرآنية لمكانة المرأة
جاء الإسلام منهجاً للحياة، وشمل العقيدة والفكر والثقافة والسلوك والعبادة، فقد كان من بين القضايا الأساسية التي اهتم الإسلام بدراستها وبحثها وتحليلها تحليلاً علميّاً مسألة نشوء المجتمع والحياة الاجتماعية بما فيها من تعقيدات وتركيبات وعلائق، ومعرفة دوافعها وأسبابها، وقد أشارت الآيات القرآنية إلى وجود العديد من الأسباب والدوافع، ومنها:

الأساس الأول:
حيث بينت الآيات، أن العنصر الأساس في البناء الاجتماعي هو قانون الزوجيّة الطبيعي العام المتمثِّل في التركيب الغريزي للمرأة والرّجل، فهما عنصرا البناء الاجتماعي وأساس البنية الحيوية من الناحيتين العضويّة والنفسيّة: ((وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) (الروم ـ 21).


ألأساس الثاني:
كما أشارت الآيات القرآنية إلى أن الدافع الثاني الذي يدفع الإنسان لتكوين الحياة الاجتماعية عنصر التعارف بين أبناء النوع البشريّ القائم على أساس غريزة حب الاجتماع التي عبّر عنها الفلاسفة بقولهم، الإنسان مدنيّ بالطّبع:
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ))(الحجرات ـ 13).

الأساس الثالث:
 وتشير الآيات إلى أن السّبب الثالث من أسباب بناء المجتمع، هو تبادل المنافع المادية المختلفة، فقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يتكامل الأفراد بقابليّاتهم وطاقاتهم الفكرية والجسدية والنفسية، وعلى هذا الأساس نشأت الوظيفة الاجتماعية، وفسّر مبدأ النشوء الوظيفي في المجتمع لتتكامل الحياة كما تتكامل أجهزة البدن في أداء وظائفها: ((هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ))(الزخرف ـ 32).
 وهكذا يوضِّح القرآن دوافع نشوء المجتمع الإنسانية والمادية، وفي كلّ هذه العناصر يبرز دور المرأة واضحاً وأساسيّاً، سواء في جانبه المادي أو النفسي أو الوظيفي في الحياة الاجتماعية، فالمرأة هي الجزء الأكبر من المجتـمع، وانطلاقاً من نظرية التكامل الوظيفي التي وضّحها القرآن آنفاً، يهتم الاسلام بدور المرأة في بناء المجتمع كما يُهتم بدور الرّجل على حدٍّ سواء ضمن أطر الأهداف والقيم الإسلامية، فليست المرأة عنصراً ثانويّاً ولا وجوداً إضافيا
 
وحدة الوظيفة الأنثوية الذكورية
ان الإسلام وهو يسعى إلى تحقيق المجتمع الفاضل، لا ينظر إلى كل من المرأة أو الرجل باعتبارهما جنسين منفصلين متصادمين كما هو الحال اليوم، وإنما ينظر إليهما كبناء موحد، ينعقد على الولاء لقيم الإيمان ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))(التوبة ـ 71) .
 وبذلك يضع القران الكريم صلاح المجتمع أمانة في أيدي المؤمنين والمؤمنات، ويجعل كلا منهما مسؤولا عن ذلك، فلا يعفى الرجل ولا يستثنى المرأة، وتشمل هذه المسؤولية مقومات المجتمع الإدارية والسياسية والاقتصادية والروحية كافة.
أن الإسلام لا يعفي المرأة من عموم التكليف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مبادئ السياسة، أو المشكلات الاجتماعية التي تقوض الأخلاق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م