7 شوال 1445 هـ   16 نيسان 2024 مـ 6:59 مساءً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

2022-01-17   1809

ألف ألف ألف حرف

هكذا تلقى الإمام عليه العلم من رسول الله صلوات الله عليهما

خص النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله وصيه الإمام علي عليه السلام بأسرار العلوم والمعارف التي لم يخص بها أحداً غيره، بل جعل مفاتيحها بيده حصرا، والمتتبع منا لحياة النبي صلوات الله عليه وآله يجد أنه منح موضوع تربيه وتعليم أبن عمه علي عليه السلام الحصة الكبرى، تميدا منه لأن يستلم عليه السلام زمام الأمور من بعده، وهذا واضح جلي حتى في أخر لحظات حياة النبي عليه وآله الصلاة والسلام، ومنها ما قاله الإمام علي عليه السلام لأبي بكر وعمر حين جاءاه بعد عودته من دفن بضعة النبي السيدة الزهراء عليهما السلام: "وأمّا إكبابي عليه فإنّه علمني ألف حرف، الحرف يفتح ألف حرف فلم أكن لأطلعكما على سر رسول الله صلى الله عليه وآله".
ويذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام قد طلب الإمام علي عليه السلام وهو في فراش موته، قائلا: "ادعوا لي خليلي، فجاءه أمير المؤمنين عليه السلام وألزق رسول الله صلى الله عليه وآله صدره بصدره وأومأ إلى أذنه فحدّثه بألف حديث لكل حديث ألف باب".
وهو ما أكده عليه السلام في قوله: " فلمّا قضى محمد صلى الله عليه وآله نبوته واستكملت أيّامه، أوحى الله إليه؛ يا محمد قد قضيت نبوّتك واستكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك والأيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار النبوّة في أهل بيتك، عند علي ابن أبي طالب عليه السلام، فإني لم أقطع علم النبوّة من العقب من ذرّيتك كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء".
لذا يعتبر الإمام علي عليه السلام باب مدينة علم رسول الله صلوات الله عليه وآله، بناء على الحديث النبوي الشريف: "أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب"، حيث حصر طريق الوصول الى قلعة العلم هذه من باب واحد هو باب علي عليه السلام، ما يعني بالضرورة أن يكون توجه الأمّة إلى أخذ تعاليم شريعتها عن طريقه عليه السلام خصرا وعلى نحو مطلق لا يقيده قيد او يشرطه شرط، وهو ما يعني أنه عليه السلام الطريق الأوحد للوصول الى مرامي الدين ومقاصده باعتباره في عصمة عن الذنب والخطأ والاشتباه والسهو والنسيان والزلل.
كما يذكر التأريخ الإمام علي عليه السلام تحدث عن علمه ومصدره بالقول: "علم النبي علم جميع النبيين، وعلم ما كان وما يكون إلى قيام الساعة"، ثم قال: "والذي نفسي بيده إنّي لأعلم علم النبي صلى الله عليه وآله وعلم ما كان وما هو كائن فيما بيني وبين قيام الساعة".
ومما يذكر في صدد خصوصية الإمام علي عند النبي الأكرم صلوات الله عليهما، أن النبي قد خص الإمام علي عليه السلام بكتابين اثنين، يحتوي الأول منهما على أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، في حين يحتوي الثاني أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وآله قابضاً على شيئين في يده، ففتح يده اليمنى ثم قال: "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من الرّحمن الرّحيم في أهل الجنة بأعدادهم وأحسابهم وأنسابهم، مجمل عليهم، لا ينقص منهم أحد، ولا يزاد فيهم أحد"، ثم فتح يده اليسرى وقال: "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من الرّحمن الرّحيم في أهل النار، بأعدادهم وأحسابهم وأنسابهم مجمل عليهم إلى يوم القيامة، لا ينقص منهم أحد ولا يزاد فيهم أحد، وقد يسلك بالسعداء طريق الأشقياء حتى يقال: هم منهم، هم هم، ما أشبههم بهم! ثم يدرك أحدهم سعادته قبل موته ولو بفواق ناقة، وقد يسلك بالأشقياء طريق السعادة حتى يقال: هم منهم، هم هم، ما أشبههم بهم! ثم يدرك أحدهم شقاوته ولو قبل موته ولو بفواق ناقة"، وقال النبي صلى الله عليه وآله: "العمل بخواتيمه، العمل بخواتيمه، العمل بخواتيمه"، فدفعهما إلى علي عليه السلام.
وقد دونّ الإمام علي عليه السلام هذه العلوم التي تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وآله، ودفعها الى أبنيه الحسنين عليهما السلام ومنهما الى باقي الأئمة عليهم السلام، مشافهة وتدوينا فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: في مورد اجابته عمن سأله عن أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد علّم عليّاً عليه السلام باباً يفتح له منه ألف باب؟ فقال: "يا أبا محمد... علّم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام ألف باب يفتح من كل باب ألف باب"، فقال السائل: هذا والله العلم، فقال أبو عبد الله عليه السلام بعد أن نكت ساعة في الأرض: "إنّه لعلم وما هو بذاك، يا أبا محمد وإنّ عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟" فقال السائل: "جعلت فداك ما الجامعة؟، فقال عليه السلام: "صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه من فلق فيه وخط علي بيمينه، فيها كل حلال وحرام وكل شيء يحتاج النّاس إليه حتى الأرش في الخدش"، ثم تحدث عليه السلام قائلا: "وإنّ عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر؟"، فقال أبو محمد: "وما الجفر؟، فقال عليه السلام: "وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل"، ثم قال عليه السلام: "وإنّ عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟"، فقال أبو محمد: "وما مصحف فاطمة عليها السلام؟"، فقال عليه السلام: " مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد"، ثم قال: "إنّ عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة"، فقال أبو محمد: "جعلت فداك هذا والله هو العلم"، فقال عليه السلام: "إنّه لعلم وليس بذاك"، أنه ما يحدث بالليل والنهار، الأمر من بعد الأمر، والشيء بعد الشيء، إلى يوم القيامة".
كما كان الإمام علي عليه السلام الأخ والصاحب والصفي الوصي للنبي الأكرم صلوات الله عليه وآله، فقد قال صلوات الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام: "أنت أخي وصاحبي وصفيي ووصيي وخالصي من أهل بيتي وخليفتي في أمتي، وسأنبئك فيما يكون فيها من بعدي، يا علي إني أحببت لك ما أحبّه لنفسي وأكره لك ما أكرهه لها".
وهو ما جعل من الإمام علي عليه السلام يتفاخر بما عنده من علم، فقد ذكر أنه قال: "سلوني قبل أن تفقدوني" وقوله: "لا تسألوني عن آية في كتاب الله ولا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله إلاّ أنبأتكم بذلك"، وقوله عليه السلام: "سلوني فو الله لا تسألوني عن شيءٍ يكون إلى يوم القيامة إلاّ حدثتكم به، وسلوني عن كتاب الله فو الله ما منه آية إلاّ وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار أم بسهل أم بجبل".
ولم يقتصر علم الإمام علي عليه السلام بالقرآن والسنة النبوية، بل أنه أحاط علما بما سبق من كتب، فعنه عليه السلام أنه قال: "هذا ما زقني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زقا زقا، سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه، ولولا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وبما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة وهي هذه الآية ((يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب))، ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية آية في ليل أنزلت أو في نهار أنزلت، مكيها ومدنيها، سفريها و حضريها، ناسخها ومنسوخها، محكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها لأخبرتكم".
وما هذه الخصوصية التي تلقاها عليه السلام من النبي صلوات الله عليه وآله إلا لكونه صاحب الولاية على المؤمنين بعد النبي عليه وآله الصلاة والسلام، فضلا عن أن إمامته هي الإمامة العظمى باعتباره قام مقام النبي صلوات الله عليه وآله في رعاية شؤون الأمة دينيا ودنيويا.

 

العلوية فاطمة الجابري

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م