| لماذا الدين؟ | الإيمان والكفر
2020-09-24 1662
الإيمان والكفر
على الرغم من أن تعريف الشيء، إنما
هو جعله معروفا عند من يبهمه، وذلك من خلال تسميته بما لا يدع
للمتلقي من شك او لبس في فهمه وتصوره، إلا أن التوظيفات المجازية من
جهة، وإسقاطات المعنى على غير ما يريده اللفظ من جهة ثانية، فضلا عن
مط معاني الكلمات واللفاظ بأكبر من حجمها أو كمشها لأصغر مما تريده،
من خلال توظيفها بغير قصودها، جعلت من تلك التعارف توصيفات لا تطابق
محتويات ما يراد تعريفه، وهو ما خلط المفاهيم وعتم على حقيقية
الأشياء ومراداتها، حيث أن ذلك جعل للفظ ـ أي لفظ ـ تعريفين ـ وربما
أكثر ـ على الأقل، لغويا واصطلاحيا، وإن شئت ضف مجازيا!
ولم يستثنى من ذلك أي مدلول او معنى، مهما كبرت أهميته او صغرت، فكلمة "العين" مثلا، يراد بها مرة العين كجارحة للبصر، والعين كالنفس (فلان عين فلان) أي يشبهه، وقد يراد بها الجاسوس وينبوع الماء وكبير القوم وطليعة الجيش وغير ذلك الكثير.
وحديثنا عن تعريف الدين، يتطلب منا تعريفه مجازا واصطلاحا ولغة، خصوصا وأن توظيفاته باتت من السعة بما لا يمكن تفهم مداليله ومعانيه، ناهيك عمن صير منه بما يناقض أصله، كجعل الدين وصفا لتنظيم يعتاش على القتل مثلا ووصف كل متطرف بالمتدين!
والدين لغة هو اسم لجميع ما يُعبد، وبالتالي فهو الطاعة والعبادة، ودان الرجل أي خضع وذل، وادان له، أطاعه، ودان بالإسلام أي اتخذ الإسلام اتخذه دينا وتعبد به وأعتنقه، ومنهجه لطاعة ربه، وبمنعى اشمل وأدق، الدين هو الطاعة والجزاء.
أما اصطلاحا، فهو الإيمان بعقيدة ما ـ سماوية كانت أم وضعية ـ وفي الأغلب هو الإيمان بخالق الكون، والعمل بما يستوجبه هذا الإيمان من شكلية عبادية وإجرائية معاملاتية معينتين.
إما مجازيا، فيراد به كل معتقد يتبناه الفرد على سبيل إجابة ذلك المعتقد على أسئلة جوهرية تتناول تفكير هذا الفرد عن وجوده وحياته ومآلها، فضلا عن ضبط سلوكياته حيال نفسه وغيره بما يتسق ووجوده ومآله.
ويقابل الإيمان بالدين، الإلحاد به والكفر والجحود، فمن لا يؤمن بالشيء مثلا يعني أنه كفر به وجحد حقيقته، وغالبا ما يراد بالكافرين بالدين بأنهم لا يؤمنون بالله خالقا ومبدعا، وهم من يصير الصنعة الكونية صدفة او بالاتفاق في تمظهر الظواهر الكونية من قبل عوامل ذاتية وخارجية صيرت من الكون كونا!
وإذا ما ذكرت عبارة "الأيدولوجية الكونية" أو "الرؤية الكونية"، فمحلها محل الإيمان، من حيث المعنى والتصور الذهني عنهما، وإن كانت الثانية تعني الإيمان بالله وحده لا شريك له، وعلى العموم، فكلاهما يعني المنظومة الاعتقادية التي يؤمن بها فرد ما بخصوص الكون ومحله منه، بما يشكل لديه مجموعة أراء متسقة ومنظمة بشكل متسلسل وهادف ومقنع، تلزمه بتبنيها ضمن مسارات حياته وضبط بوصلته تحركاته العملية فضلا عن العبادية.
من وجهة أخرى، وبشكل وصفي، يمكن تعريف الدين على أنه رؤية شمولية من قبل المؤمن به حيال وجوده وواجبه المترتب على هذا الإيجاد، سواء كان هذا الواجب ذو صلة بنفسه او بينها وبين اقرانه (الأفراد والمجموعات البشرية) او بينه وبيه ربه او بينه وبين الكون.
وقد ينقسم الإيمان الى ايمان سلبي وإيمان ايجابي، فمنهم من يؤمن ـ على سبيل وفرة الأدلة ـ بفكرة ما، ومنها مثلا فكرة وجود خالق عظيم لهذا الكون، حيث يمكن تسمية هذا النوع من الإيمان بالإيمان الموجب، حيث أن مورد إيجابيهم هو الإيمان من عدمه، في حين يوجد نوع سلبي منهم، وهم من لا يدرون ـ وبالتالي لا يؤمنون بشيء ـ ويسمى حملة هذا المعتقد باللا أدريين، او العبثيين وايمانهم بالإيمان السالب.
من جهة أخرى، يؤمن بعض المؤمنين بوجود خالق موجد لهذ الكون، وهم من يسمون بالمؤمنين بالله، او المثاليين، على العكس تماما بمن يعتقد بأن هذا الكون عائم بالمصادفات التي تتوالد من الطبيعة، وهم الطبيعيين او الدهريين او الماديين وينقسمون الى الماديين الديالكتيكيين والماديين الميكانيكيين.
وما دام أصل موضوعنا هو الإيمان بالله كدين ـ وهو يشمل المؤمنين به من اتباع الديانات السماوية الثلاث ـ فلا ضير أن نبين أن لهذا الإيمان مرتكزين اثنين، هما:
ـ الفكرة العقائدية (النظرية): وهي أس الإيمان وجوهره، ومنطلقه لغيره من أفكار جزئية، فضلا عن التطبيقية، وتسمى هذه الفكرة بالجنبة العقائدية أو أصول الدين، لتمييزها بأنها عليقة التفكير (تصور ذهني ليس بالضرورة لها مصداق خارجي)، وتوصف عمليتها بالتعبد.
ـ التطبيق العملية للفكرة العقائدية: ويصطلح عليها بالتطبيق العملي كممارسة إجرائية يمكن لها ان توصل الفرد الى ما يؤمن به، ولهذه التطبيقات مصاديق خارجية، كفعل عبادي من قبيل الصلاة والصوم والحج وغير ذلك، وهي بالمجمل فروع من الأصل الأول (العقائد).
وتشترك الأديان السماوية في بعض الأفكار الجوهرية، كإيمانه بالله الواحد، وايمانها بفكرة الخلق والإنشاء من العدم ولابدية الصيرورة الى حيوات أخرى، وإيمانها بوجود يوم أخر يُساءل فيه الإنسان عما عمله في يومه الأول (الحياة الدنيا)، ناهيك عن إيمانه بأن لله عليه حكومة يتوجب عليه التزام توصياتها المبلغة أليه من خلال حملة بريده من رسل وانبياء بصفتهم التبليغية التي يريدون من خلالها صناعة السعادة للإنسان وبيئته.
ولم يستثنى من ذلك أي مدلول او معنى، مهما كبرت أهميته او صغرت، فكلمة "العين" مثلا، يراد بها مرة العين كجارحة للبصر، والعين كالنفس (فلان عين فلان) أي يشبهه، وقد يراد بها الجاسوس وينبوع الماء وكبير القوم وطليعة الجيش وغير ذلك الكثير.
وحديثنا عن تعريف الدين، يتطلب منا تعريفه مجازا واصطلاحا ولغة، خصوصا وأن توظيفاته باتت من السعة بما لا يمكن تفهم مداليله ومعانيه، ناهيك عمن صير منه بما يناقض أصله، كجعل الدين وصفا لتنظيم يعتاش على القتل مثلا ووصف كل متطرف بالمتدين!
والدين لغة هو اسم لجميع ما يُعبد، وبالتالي فهو الطاعة والعبادة، ودان الرجل أي خضع وذل، وادان له، أطاعه، ودان بالإسلام أي اتخذ الإسلام اتخذه دينا وتعبد به وأعتنقه، ومنهجه لطاعة ربه، وبمنعى اشمل وأدق، الدين هو الطاعة والجزاء.
أما اصطلاحا، فهو الإيمان بعقيدة ما ـ سماوية كانت أم وضعية ـ وفي الأغلب هو الإيمان بخالق الكون، والعمل بما يستوجبه هذا الإيمان من شكلية عبادية وإجرائية معاملاتية معينتين.
إما مجازيا، فيراد به كل معتقد يتبناه الفرد على سبيل إجابة ذلك المعتقد على أسئلة جوهرية تتناول تفكير هذا الفرد عن وجوده وحياته ومآلها، فضلا عن ضبط سلوكياته حيال نفسه وغيره بما يتسق ووجوده ومآله.
ويقابل الإيمان بالدين، الإلحاد به والكفر والجحود، فمن لا يؤمن بالشيء مثلا يعني أنه كفر به وجحد حقيقته، وغالبا ما يراد بالكافرين بالدين بأنهم لا يؤمنون بالله خالقا ومبدعا، وهم من يصير الصنعة الكونية صدفة او بالاتفاق في تمظهر الظواهر الكونية من قبل عوامل ذاتية وخارجية صيرت من الكون كونا!
وإذا ما ذكرت عبارة "الأيدولوجية الكونية" أو "الرؤية الكونية"، فمحلها محل الإيمان، من حيث المعنى والتصور الذهني عنهما، وإن كانت الثانية تعني الإيمان بالله وحده لا شريك له، وعلى العموم، فكلاهما يعني المنظومة الاعتقادية التي يؤمن بها فرد ما بخصوص الكون ومحله منه، بما يشكل لديه مجموعة أراء متسقة ومنظمة بشكل متسلسل وهادف ومقنع، تلزمه بتبنيها ضمن مسارات حياته وضبط بوصلته تحركاته العملية فضلا عن العبادية.
من وجهة أخرى، وبشكل وصفي، يمكن تعريف الدين على أنه رؤية شمولية من قبل المؤمن به حيال وجوده وواجبه المترتب على هذا الإيجاد، سواء كان هذا الواجب ذو صلة بنفسه او بينها وبين اقرانه (الأفراد والمجموعات البشرية) او بينه وبيه ربه او بينه وبين الكون.
وقد ينقسم الإيمان الى ايمان سلبي وإيمان ايجابي، فمنهم من يؤمن ـ على سبيل وفرة الأدلة ـ بفكرة ما، ومنها مثلا فكرة وجود خالق عظيم لهذا الكون، حيث يمكن تسمية هذا النوع من الإيمان بالإيمان الموجب، حيث أن مورد إيجابيهم هو الإيمان من عدمه، في حين يوجد نوع سلبي منهم، وهم من لا يدرون ـ وبالتالي لا يؤمنون بشيء ـ ويسمى حملة هذا المعتقد باللا أدريين، او العبثيين وايمانهم بالإيمان السالب.
من جهة أخرى، يؤمن بعض المؤمنين بوجود خالق موجد لهذ الكون، وهم من يسمون بالمؤمنين بالله، او المثاليين، على العكس تماما بمن يعتقد بأن هذا الكون عائم بالمصادفات التي تتوالد من الطبيعة، وهم الطبيعيين او الدهريين او الماديين وينقسمون الى الماديين الديالكتيكيين والماديين الميكانيكيين.
وما دام أصل موضوعنا هو الإيمان بالله كدين ـ وهو يشمل المؤمنين به من اتباع الديانات السماوية الثلاث ـ فلا ضير أن نبين أن لهذا الإيمان مرتكزين اثنين، هما:
ـ الفكرة العقائدية (النظرية): وهي أس الإيمان وجوهره، ومنطلقه لغيره من أفكار جزئية، فضلا عن التطبيقية، وتسمى هذه الفكرة بالجنبة العقائدية أو أصول الدين، لتمييزها بأنها عليقة التفكير (تصور ذهني ليس بالضرورة لها مصداق خارجي)، وتوصف عمليتها بالتعبد.
ـ التطبيق العملية للفكرة العقائدية: ويصطلح عليها بالتطبيق العملي كممارسة إجرائية يمكن لها ان توصل الفرد الى ما يؤمن به، ولهذه التطبيقات مصاديق خارجية، كفعل عبادي من قبيل الصلاة والصوم والحج وغير ذلك، وهي بالمجمل فروع من الأصل الأول (العقائد).
وتشترك الأديان السماوية في بعض الأفكار الجوهرية، كإيمانه بالله الواحد، وايمانها بفكرة الخلق والإنشاء من العدم ولابدية الصيرورة الى حيوات أخرى، وإيمانها بوجود يوم أخر يُساءل فيه الإنسان عما عمله في يومه الأول (الحياة الدنيا)، ناهيك عن إيمانه بأن لله عليه حكومة يتوجب عليه التزام توصياتها المبلغة أليه من خلال حملة بريده من رسل وانبياء بصفتهم التبليغية التي يريدون من خلالها صناعة السعادة للإنسان وبيئته.
الأكثر قراءة
24257
18565
13608
10346