11 شوال 1445 هـ   20 نيسان 2024 مـ 4:42 صباحاً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

 | الإمامة |  مفهوم الجعل في الإمامة
2020-05-22   1726

مفهوم الجعل في الإمامة

الإمامة، باعتبارها قيادة للأمة ونظم لشؤونها، وتتمة لمنهج النبوة، هي منصب إلهي، وجعل رباني، بل وأنها لازمة لتتمة التبليغ منه لهم، ناهيك عن كونها حق من حقوقه جل شأنه على عباده، وهي بذلك كالنبوة، حيث يُحصر تنصيب الإمام من الناس ـ كما في اختيار الأنبياء والرسل ـ به سبحانه وتعالى، ما يعني أنه هو فقط من يختار هذا أو ذاك من خلقه ليُسبغ عليه جلباب النبوة أو الإمامة، دون غيره. 
والشواهد القرآنية التي تثبت أن الإمامة جعل ألهي، كثيرة وعديدة، منها قوله تعالى: ((وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ))(سورة البقرة ـ 124)، وقوله تعالى: ((وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ))(سورة القصص ـ5)، وقوله تعالى: ((وَجَعَلنَاهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا))(سورة الأنبياء ـ73)، وقوله تعالى: ((وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا))(سورة السجدة ـ 24).
وتتقدم هذا الجعل الإلهي، جملة مقومات، لا بد أن يتقوم بها هذا المرشح للإمامة، أهمها النصفة من الظلم، ولو على النفس، ما يعني أن الظالم ـ ولو لنفسه ـ لا يمكن أن يتسم بالإمامة ابدا، باعتبارها عهد الله له، وأمانته عنده، ((وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ))(سورة البقرة ـ 124)، ضمانا لقبوله من قبل العامة من الناس، باعتباره ممن اصطفاه الله لإمامتهم، ((وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلاَ مُؤمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِيناً))(سورة الأحزاب ـ 36).
وقد يعترض أحدهم على "عنصرية" اختيار الإمام من ذرية النبي صلوات الله عليهم اجمعين، دون غيرهم! فيكون الجواب في ذلك هو أن الإمامة تخليف للنبوة، وتكملة لمسارها فإمامة أهل البيت عليهم السلام أنما هي تكملة لوظيفة التبليغ الذ جاء به النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وآله، ما يعني أنهم ـ الأئمة ـ خلفاء له صلّى الله عليه وآله وسلّم في هداية الناس وأفهامهم مراد الله منهم من تبليغ وثواب ذلك وعقابه، وعليه فهي كالنبوة، جعل من الله تعالى وتنصيب منه؛ باعتباره أعلم بمصالح الخلق، وأدرى ما يقوم حياتهم، لئلا يشطح بهم آرائهم عن جادة الصواب، فاختار لهم سبحانه وتعالى من يكمل مسيرة النبي عليه وعليهم الصلاة والسلام، وهذا يعني بالضرورة أنهم مثله معصومون مصطفون منه سبحانه وتعالى، وإن كانوا من ذريته، على طريقة الأصفاء من ذراري الأنبياء السابقين، ((إِنَّ اللَّهَ اصطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبرَاهِيمَ وَآلَ عِمرَانَ عَلَى العَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعضُهَا مِن بَعضٍ (34))(سورة آل عمران ـ 33-34)، خصوصا وأنه اختيار من لدن حكيم عليم، بعيدا عن المحاباة والمجاملة او الاعتباط، أو أي سببية غير ذلك كالنسب والوراثة، إنما لتوافر ما يؤهلهم لهذا الأصفاء، بوفرة عناصر الكفاءة واجتياز الاختبار المطلوب فضلا عن علوّ ما ترتبتم بها الرتب.

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م