18 شوال 1445 هـ   27 نيسان 2024 مـ 4:51 صباحاً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

 | شخصيات إسلامية |  ابن مسكويه.. أفلاطون الثاني
2021-08-11   1475

ابن مسكويه.. أفلاطون الثاني

واسمه أحمد بن محمد الرازي ابن مِسكَوَيه، ولد سنة 320 هـ بالقرب من مدينة الري في أيران، ضمن اسرة فقيرة الحال والانفتاح، وهو فيلسوف وأديب ومؤرخ، فضلا عن اشتغاله بمنصب أمينا لآل بويه (البويهيين).
تبحر ابن مسكويه في مختلف العلوم، واكثر ما لمع في التاريخ وعلم الكلام والفلسفة فضلا عن نبوغه في الطب، دون أن ينسى شغفه ووله بالكيمياء وغيرها مما كان يُعّد من العلوم الغريبة، كما اتسمت ميوله بالصبغة الفلسفية.
عقائديا، يؤمن ابن مسكويه بالفلسفة الدينية، على غرار الفارابي وإخوان الصفا، وهو ما دفعه لأن يكون أحد رجال البلاط البويهي في الري لمدة العقدين من عمره، قبل أن يلتحق ببلاطهم في بغداد التي بقي فيها معهم قرابة اثني عشر سنة، ايام أبو محمد حسن المهلبي الذي كان وزيراً لمعز الدولة الديلمي، ثم عمل أبن مسكويه مع ابن عميد قاضي محكمة ركن الدولة في الري لمدة سبع سنوات، وعيّن أميناً ومسؤولاً عن المستندات والوثائق فيها.
وعلى الرغم مما اشتغل به ابن مسكويه من سياسة وشؤون حكم، إلا أنه وفق خير توفيق في الجمع بين مهنة سياسية نشطة ودور فلسفي مهم.
برع أبو علي في معظم مجالات الحكمة النظرية والعملية وخصوصاً في فن تهذيب الأخلاق، حتى لقبه البعض بالمعلم الثالث، ويعتبر مختبرا ثريا لما يسمى بالفلسفة العملية، فضلا عن ريادته للكتّاب العلميين في التاريخ.
وعلى الرغم من التوجه الفلسفي الإسلامي الذي تبناه ابن مسكويه، إلا أنه نادرًا ما استخدم الدِّين لتقويم الفلسفة، وهكذا أصبح معروفًا بأنه مفكر إنساني إسلامي، على الرغم من كونه خير من يمثل تيار الميل في الفلسفة الإسلامية لتلائم الإسلام في نظام أوسع من الممارسات العقلانية المشتركة بين جميع البشر.
عمليا، يمكن اعتبار أبن مسكويه مؤسسا للأفلاطونية الجديدة بجانبيها العملي والنظري، فهو يضع قواعداً للحفاظ على الصِّحة الأخلاقية على أساس تنوع الشخصية.
جمع أبن مسكويه رسائل الحكمة الأبدية لدى مختلف الفرق في العالم، وانتهج منهجا فلسفيا خاصا به، وإن كان قد تأثير كثيرا بأفلاطون وأرسطو، فضلا عن اعجابه ببقراط وجالينوس وفيثاغورث وبروكلوس.
أما على الصعيد الطبي، فقد برع فيها هي الأخرى، وألف كتابه الشهر المعروف ب، (الجامع) على غرار كتاب الجامع الكبير (الحاوي) لمحمد بن زكريا الرازي.
وعلى صعيد لعلوم الكيمياء، فقد اشتغل ابن مسكويه كثيراً فيها، وألف كتاباً يحمل عنوان (رسالة في الكيمياء) وهو عبارة عن أجوبة على أسئلة أبو حيان التوحيدي حول ماهية علم الكيمياء ومدى الصحة والخطأ فيها.
كان مسكويه مشهوراً بالفضل والعلم والأدب والبلاغة والشعر، غير أنه في المسائل الأخلاقية كان لعبه كل العلو، فلا يكاد يذكر مسكويه إلا وينصرف الذهن إلى جهوده وفلسفته الأخلاقية، خصوصا في كتابه ذائع الصيت (تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق)) فضلا عن كتابه الأخلاقي الأخر (الفوز الأصغر) الذي تبنى فيه النواحي الأخلاقية بشكل مبسط، اضطر للتعمق أكثر فيها من خلال (تهذيب الأخلاق) من خلال تفصيلها وضبط أصولها وأنواعها، وتمييز حدودها، في عبارات علمية عالية، محكمة الصنع، دقيقة الوضع، وبذلك فقد اختص أبو علي مسكويه في علم أصول الأخلاق وكتب فيها كتبا قيما بعنوان (تهذيب الأخلاق) الذي يُعّد من أكر ما كُب في هذا المجال، فضلا عما جهوده الكبيرة في عمليات استقراء الرسائل الأخلاقية وتلك التي تقدم النصائح والحث على العمل بها، وذلك من خلال كتابه (الحكمة الأبدية)، خصوصا وأن ممن عاصر وتتلمذ على يد ابن سينا، ناهيك عن رسائله الكثيرة مع أبو حيان التوحيدي وبديع الزمان الهمداني.
وأهم نتاجات أبن مسكويه الأخرى هي: 
1. تجارب الأمم: وهو كتاب عميق وإثرائي، يتطرق فيه إلى النواحي السياسية والتاريخية والاجتماعية والإدارية والمدنية، بالإضافة إلى أنه يشتمل على الأبحاث الاقتصادية في مجالات الزراعة، وقيمة الأسعار، وضرب العملة و.....إلخ. ويعتبر هذا الكتاب مرجعاً للباحثين والعلماء الذين يجرون الأبحاث الاقتصادية برؤية ابن مسكويه.
2. تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق: وهو من أهم وأكمل الكتب الأخلاقية، حيث يُظهر ابن مسكويه فيه تأثره بالآثار اليونانية وبالأخص أرسطو، وتأثر به العلماء الذين أتوا بعده أمثال: خواجه نصير الدين الطوسي والغزالي.
3. الحكمة الأبدية: وهو كتاب اخلاقي سلوكي قيم يحمل الكثير من الرسائل في تقديم النصائح.
كما كتب كل من الفوز الأصغر، الفوز بالسعادة، الهوامل والشوامل؛ والهوامل هذا هو مجموعة من أسئلة أبو حيان التوحيدي، في حين أن الشوامل هي أجوبة أبو علي مسكويه على تلك الأسئلة، الخطية، رسالة في الحجر الأعظم (في الكيمياء)، رسالة في الكيمياء، كتاب الأشربة (في علم الصيدلة)، الكنز الكبير في الكيمياء.
وقد عمر مسكويه طويلاً، حيث توفي بأصبهان في 9 صفر سنة 421هـ عن عمر قارب المئة عام.

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م