16 شوال 1445 هـ   25 نيسان 2024 مـ 4:07 صباحاً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

2022-04-09   398

الصدق.. الماهية والسلوك

الصدق لغة هو مطابقة الكلام للواقع, وهو من الصفات الحميدة التي يحبها الله سبحانه وتعالى ويأمر بها، ((يا أيّها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ))(التوبة-119)، وقد امتدح الله تعالى أنبياءه بصفة الصدق فقال (( واذكر في الكتاب ابراهيم إنه كان صديقا نبيا ))(مريم-41), و جاء في وصف اسماعيل عليه السلام: (( إنه كان صادق الوعد ))(مريم-54)، وعن ادريس عليه السلام قوله تعالى ((واذكر في الكتاب ادريس إنه كان صديقا نبيا))(مريم-56)، وعكس الصدق الكذب، وهو مخالفة  الكلام للواقع أو الإخبار بخلاف الواقع, والكذب صفة قبيحة يمارسها البعض دون أن يدركوا بشاعتها وبعد أثرها, وهو منهيُّ عنه شرعا وأخلاقا، لأنه يؤدي الى المفاسد والشرور، وربما الى الفتنة والقتل، كما ويبعد المرء عن الايمان فقد ورد عن رسول الله صلوات الله عليه وأله أنه سُئل أيكون المؤمن جبانا قال نعم, ثم سئل أيكون المؤمن بخيلا قال نعم, ثم سئل أيكون المؤمن كذابا قال(لا)، معنى هذا أن الكذب يبعد الانسان عن الايمان، وهنا تكمن الطامة الكبرى, لأن ما بعد الايمان الا الكفر والضلال،  وما بعد الضلال الا جهنم والخلود فيها ابدا، وأشد الكذب هو الكذب على الله ورسوله حتى أنه عُّد من المفطرات للصائم .
الصدق على ثلاثة اقسام: 
1. الصدق مع الله: وهو اخلاص النية والعمل لوجه الله تعالى من دون قصد الرياء والسمعة، معنى هذا أن أي عمل عبادي يؤديه الانسان يجب أن يكون خالصا لوجه الله تعالى، فإنَّ رفع العمل مرهون بصفاء النية.
2. الصدق مع الناس: وهو ألا يكذب المؤمن في حديثه مع الناس أبدا، فالكذب من علامات النفاق، روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أنه قال: (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتُمِن خان)، والمنافقون في الدرك الاسفل من النار كما ورد في نص القرآن. 
3. الصدق مع النفس: أكد الاسلام على أهمية الصدق، كمفردة من مفردات أخلاقيات الإسلام، فبه يستقيم سلوك المجتمع نحو الكمال الحقيقي، وبعكسه يتهاوى، فعلى المسلم أن يكون صادقا مع نفسه، غير مخادع ولا مراوغ، يَقِرُّ بعيوبه ويعترف بأخطائه، ويسعى في إصلاح نفسه، يلومها إذا سوّلت له أمرا سيّئا، ويعاقبها على هفواتها وشطحاتها، ويشجعها إذا سلكت السبيل القويم.
ويشمل الصدق جميع مفاصل سلوك المسلم الحياتية، كصدق الحديث وهو ألّا يحدِّث الناس بكل ما يسمع من دون تدقيق وتمحيص وتروي، وصدق المعاملة في البيع والشراء، وغيرها من المعاملات الاخرى. 
     ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أنه قال: (تحَرَّوا الصدق وإن رأيتم أنّ فيه الهلكة فإن فيه النجاة، واجتنبوا الكذب وإن رأيتم أنّ فيه النجاة فإنّ فيه الهلكة).
وعنه صلوات الله عليه وآله أنه قال: (إن الصدق يهدي الى البِرّ، وإن البِرّ يهدي الى الجنة، وإن الرجل ليتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله عز وجل صديقا. وإن الكذب يهدي للفجور، وإن الفجور يهدي الى النار، وأن الرجل ليتحرّى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابا).
كما أن الصدق يجلب لصاحبه رفعة الشأن وعلو المنزلة في المجتمع، فمن يتحلى بهذه الصفة الحميدة يعظم قدره وتعلو منزلته بين الناس لأن الصدق هو الدليل الناهض على حسن السيرة ونقاء السريرة وكمال العقل، والصدق من الاخلاق الحميدة التي أجمعت الامم على مر العصور والدهور والشرائع والاديان على الإشادة به ومدحه والأمر به والنهي عن نقيضه الا وهو الكذب.
كما أن الصدق سِمة من سمات الانبياء والمرسلين وجميع عباد الله الصالحين، فقد كان النبي محمد صلوات الله عليه وآله قبل البعثة النبوية يسمى بالصادق الأمين، وقد اشتهر بالمجتمع المكّي بهاتين الصفتين إضافة الى باقي الصفات الحميدة التي اتصف بها، والتي كانت من دعائم ارتقائه الى مقام النبوة السامي فيما بعد. 

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م