
| لماذا الدين الإسلامي؟ | حمل القاصرات في المجتمعات الغربية: أزمة متفاقمة وإحصاءات مرعبة
2025-11-02 247

حمل القاصرات في المجتمعات الغربية: أزمة متفاقمة وإحصاءات مرعبة
الشيخ مصطفى الهجري
بينما تُروج المجتمعات الغربية
لنفسها على أنها نموذج في التقدم والحرية وحقوق الإنسان، تكشف
الإحصائيات الرسمية عن واقع مختلف تماماً فيما يتعلق بظاهرة حمل
القاصرات. فخلف شعارات التحرر والحرية الشخصية، تعاني ملايين
الفتيات القاصرات من حمل مبكر خارج إطار الزواج، في ظروف تفتقر إلى
الحماية الاجتماعية والأخلاقية التي يوفرها نظام الزواج
المستقر.
هذه الظاهرة ليست مجرد أرقام
إحصائية، بل هي انعكاس مباشر لانهيار المنظومة الأخلاقية والأسرية
في الغرب، ونتيجة طبيعية لسياسات تُقدس الحرية الفردية دون ضوابط،
وتُهمل العواقب الكارثية على الفتيات القاصرات وأطفالهن.
تُظهر البيانات الرسمية من وزارة
العدل الأمريكية أن عشرين مليون امرأة أمريكية تعرضن للاغتصاب في
فترة من حياتهن، وأن 18% إلى 20% من تلك الحوادث فقط تم الابلاغ
عنها. هذا الرقم المهول يكشف حجم العنف الجنسي الممنهج ضد القاصرات
في المجتمع الأمريكي.
(www.ncjrs.gov/pdffiles1/nij/grants/219181.pdf)
ووفقاً للإحصائيات الأمريكية، فإن
عدد طالبات الجامعات اللواتي تعرضن للاغتصاب تجاوز ستة ملايين فتاة
جامعية سنوياً، وهذا الرقم يشكل 11.5% من الفتيات في الجامعات
الأمريكية، مع العلم أن 16% فقط من هذه الحالات يتم الإبلاغ عنها
للسلطات.
وقد حاولت الحكومات الغربية
التخفيف من آثار هذه الجائحة الاجتماعية من دون جدوى، كونه تعالج
الأعراض والآثار الناتجة ولا تعالج جوهر المشكلة، ففي تقرير بثته
قناة "العربية نت" تحدث عن رصد الحكومة الأمريكية 32 مليون دولار
لوكالات خاصة في ولاية أوهايو الأمريكية لمحاربة ظاهرة الحمل خارج
الزواج بين الفتيات القاصرات في المدينة.
(www.alarabiya.net/articles/2005/04/16485.html)
كما تحدث التقرير عن إطلاق "برامج
العفة" بعد استمرار ارتفاع نسبة الحمل وسط الفتيات، حيث كشفت مدرسة
عليا في ولاية أوهايو الأمريكية عن حمل 13% من طالباتها. وتأتي
الأرقام الجديدة التي كشفت عنها هذه المدرسة وسط تساؤلات الخبراء
والأهالي حول العلاقات الجنسية التي تتم داخل هذه المدارس دون أي
فاعلية لبرامج "العفة" التي تعمل للتوعية والحفاظ على عذرية
الفتيات.
وقال جي غرين، رئيس قسم الإصلاح
التربوي في جامعة أركنساس، إن هذه المدرسة قد تكون صريحة جداً حيال
هذه القضية بينما مدارس أخرى ليست بهذه الصراحة، ولكن تبقى هذه
مسألة واسعة الانتشار والتداول.
وقد كان الباحث جي غرين نشر دراسة
العام الماضي كشف فيها عن حصول نسبة الحمل بين فتيات المدينة بمعدل
أكثر من الضواحي حيث بلغت 20% في المدينة مقارنة مع 14% في
الضواحي.
وتشير التقارير الدولية إلى أن 16
مليون ولادة تُسجّل سنوياً بين الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين
15 و19 سنة، أي حوالي 11% من جميع الولادات في جميع أنحاء
العالم.
وتبلغ نسبة الولادات التي تقع خلال
فترة المراهقة حوالي:
- 2% في الصين
- 18% في أمريكا اللاتينية ومنطقة
البحر الكاريبي
- أكثر من 50% في أفريقيا جنوب
الصحراء الكبرى
وتسهم حالات الحمل بالإكراه - التي
أُبلغ عنها 15% من الفتيات اللاتي مارسن الجنس للمرة الأولى قبل سن
15 عاماً - في حدوث حالات الحمل غير المرغوب فيه بين المراهقات.
(www.who.int/maternal-child-adolescent/topics/maternal/adolescent-pregnancy/ar)
عواقب الحرية الجنسية
يُروج الغرب لمفهوم "الحرية
الجنسية" كحق من حقوق الإنسان، لكنه يتجاهل عمداً العواقب الكارثية
لهذه الحرية على الفتيات القاصرات. فعندما تُترك فتاة في سن الخامسة
عشرة أو السادسة عشرة لتمارس علاقات جنسية خارج إطار الزواج، فإن
النتيجة الطبيعية هي الحمل المبكر غير المرغوب فيه، مع ما يصاحبه من
آثار نفسية واجتماعية واقتصادية مدمرة.
الغرب يتحدث عن "حقوق المرأة" لكنه
يتجاهل حق الفتاة القاصر في الحماية من الاستغلال الجنسي. يتحدث عن
"المساواة" لكنه يتجاهل أن الفتيات يتحملن وحدهن عواقب الحمل
والولادة، بينما يتنصل الرجال من مسؤولياتهم.
وعندما تفشل سياسات "التربية
الجنسية" و"التوعية" في منع الحمل، يلجأ الغرب إلى الترويج للإجهاض
كحل سهل. لكن الإحصائيات تُظهر أن ملايين الأجنة تُقتل سنوياً في
عمليات إجهاض، وأن نسبة كبيرة من هذه العمليات تتم للقاصرات.
الإجهاض ليس مجرد "إجراء طبي" كما
يُصور، بل هو إنهاء لحياة إنسانية، وله تبعات نفسية وجسدية خطيرة
على الفتيات. لكن الغرب يُفضل هذا "الحل" على الاعتراف بفشل منظومته
الأخلاقية.
يدّعي الغرب أن "التربية الجنسية
الشاملة" هي الحل لمشكلة الحمل المبكر. لكن الإحصائيات تُظهر العكس
تماماً. فبدلاً من حماية الفتيات، تُشجع هذه البرامج على ممارسة
الجنس في سن مبكرة تحت مسمى "الجنس الآمن".
تُقدم هذه البرامج معلومات تفصيلية
عن الممارسات الجنسية للأطفال والمراهقين، دون أن تُقدم لهم إطاراً
أخلاقياً واضحاً. النتيجة؟ مزيد من الانحلال الأخلاقي ومزيد من
حالات الحمل المبكر.
يشهد على مثل هذا الفشل العام
تقرير بريطاني نشره موقع بي بي سي العربية تحت عنوان (بريطانيا تشجع
العذرية) جاء فيه أنه يُشار إلى أن ما يقرب من 90 ألف مراهقة
بريطانية تحت عمر 19 عاما تُصبح حاملا كل عام في هذا البلد. وستنفق
الحكومة البريطانية نحو 60 مليون جنيه خلال الأعوام الثلاثة المقبلة
من أجل تقليص هذا الرقم العالمي.
إن ظاهرة حمل القاصرات في الغرب
خارج إطار الزواج ليست مجرد مشكلة اجتماعية أو صحية، بل هي شهادة
دامغة على فشل المشروع الغربي برمته في تحقيق السعادة والاستقرار
للمرأة.
الغرب الذي يتباهى بـ"حقوق المرأة"
هو نفسه الذي يُعرّض ملايين الفتيات سنوياً للاستغلال الجنسي والحمل
المبكر والإجهاض والفقر والنبذ الاجتماعي. الغرب الذي يهاجم "الزواج
المبكر" في المجتمعات الإسلامية هو نفسه الذي يُبيح العلاقات
الجنسية للقاصرات دون أي حماية قانونية أو أخلاقية.
الحقيقة البسيطة التي يرفض الغرب الاعتراف بها هي: أن الإنسان بحاجة إلى ضوابط أخلاقية وأن الحرية المطلقة تؤدي حتماً إلى الفوضى والدمار.
الأكثر قراءة
37364
19937


