| حضارات وأمم | ملامح الحضارة الإسلامية
2022-04-11 1596
ملامح الحضارة الإسلامية
المتفحص منا للمسار التأريخي
للحضارة الإسلامية ـ ومنها الخصائص الفردية والمجتمعية للمسلمين ـ
يجد بما ليس فيه لبس ولا شك، بأن خصائص الدين الإسلامي قد تركت
بظلالها على البلدان والأمصار التي صار اليها او صار سكانها اليه،
ووقعوا ضمن حاضرته وحضارته، ويبدأ هذا الأثر من الجنبة الروحية
مرورا بالفكرية وانتهاء بالعلمية مع سعة تصل حتى للحالة العمرانية
والأثرية منها، وبالتالي فإن المتلقي او المتابع لأي معلم ـ قبل أن
يتناهى لعلمه بأنه معلم إسلامي ـ سيكتشف بأنه إسلامي من تلقاء ذاته،
نزولا عند ما يمتاز به من سحنة شكلية او اثرا فكريا او لمسة عمرانية
او موقفا قيميا او غير ذلك.
ولأن الدين الإسلامي خاتم للأديان السماوية، وشامل كامل، كلي الأثر، فأن أثر ذلك سيكون على حاضراته، إنى كانت، فنجدها ـ معالم الحضارة الإسلامية ـ تشتمل على ما يجعل منها بعيدة الأفق وشمولية السعة ومواكبة والعصرية، ناهيك عن بعدها الإنساني والوسطي والقيمي التي تغطي جنباته.
ولأن الإسلام دين سماوي رباني، فإن اتباعه سيتسمون بذلك، ونقصد بكونهم ربانيين هو أن السمات التي يريد الله على خلقه ستتجلى بهم كمسلمين يؤمنون بأن الإسلام هو الحل الحقيقي لإنسانيتهم وسلوكياتها، وهو ما يتطبعون به.
وينسحب منهم ـ المسلمون ـ ذلك الأثر الى حضارتهم، ما يجعل منها هي الأخرى ربانية، وذلك من خلال الباسهم لها ما يوظف أثر الإسلام عليهم بها، خصوصا فيما يعنى باليوميات الحياتية وانتهاء بالأثر الفكري والبنائي أن صح التعبير، ومن ذلك اتسامها بأنها ربانية من صنع الله ومما يقع تحت حكومته، بمعنى أنها ـ الحضارة الإسلامية ـ كانت وستبقى تنتهج الفطرة الربانية السليمة معابرا لتمشية عجلتها، ولا تقترح قبالتها رؤى بشرية خديجة وغير ناضجة ولا مؤهلة لرسم ملامح سير مجموعة بشرية كبرى، ما قد تحيق ببني الإنسان فيها، كما حدث ذلك في بعض الأمم والحضارات التي رأت في نفسها مشرع ومقنن لمسارات اتباعها، ود اثبتت الأيام كارثة ما تعتقه كما حدث في اقوام لوط ونوح وبع الأمم التي خصف الله بها نكالا لما اشترعته لنفسها من شرعة.
وعلاوة على ما تتسم به الحضارة الإسلامية من ربانية، فإنها تتسم كذلك بالأناسة والأدمة، ونقصد بذلك أنها إنسانية وأدمية، تجتر ما يصنع الإنسان السوي والأدمي المحترم، ويؤسس لقيمة عليا له دون ان تستعبده او تهوي به دون أصل خلقته، في وقت عانت به بعض الحضارات من ثقافة استعبادية، ليس للإنسان فقط! أنما قد تكون استعبدته لصالح الجان مثلا بل وحتى الحيوان.
كما تتميز الحضارة الإسلامية بالتوحيدية، وهي سمة أكبر من كونها حالة عقائدية، باعتبار توحيد اتباع هذه الحضارة لخالقها، يصنع منهم اتباع لمنظومة فكرية تتعالى عن حالة الاستعداء ومن الاستعباد حتى، وبالتالي فأن كون الحضارة الإسلامية موحدة لله، يجعل من قوانينها وتشريعاتها ـ وبالتالي سلوكيات افرادها وجماعاتها ـ منضبطة ببوصلة الحساب والعقاب الأخروي المناط بالقدرة الألهية دون منازع، في وقت تؤسس الحضارات الأخرى لأربابها من الطغاة والسلاطين وربما نتاجاتهم كما يحدث في المؤسسات العملاقة التي تدير العالم اليوم من خلال الإعلام مثلا.
أما عن شمولية هذه الحضارة، فأن ذلك هو الأخر من موارد شيوعها، كونها لا تقف عن عنصر دون اخر، ولا توظف العنصرية والفئوية مقاسا لأتباعها، ما يجعل من القيمة الإنسانية موردا وحيدا في قيمة الفرد المنضوي تحتها.
وقد لا يفطن المتلقي منا لأهمية هذه السمة او الخصيصة، الا بعد ان يستقرأ ما حدث ويحدث مؤخرا في العالم من حروب ذات طابع عنصري (لونيا كان او فكريا او عقائديا، إن لم تدل الدلائل على الجنسي منها حتى)، وبالتالي فاجتياز الحضارة الإسلامية لعوائق العنصرية والفئوية ستؤدي لا محالة الى قبول انساني عالمي بعد ما تتقولب الحضارات الأخرى بصف اتباعها على حساب الأخرين مهما كانت اعراقهم واجناسهم وما يحملونه من فكر او عطاء.
من جهة أخرى، تتسم الحضارة الإسلامية بالأخلاقية، وعلى نسبية الأخلاق حسب قول البعض (وهو ما لا نتفق معه)، فأن للقيم الأخلاقية اليد الطولى في تسيير المجتمعات يوم تتعطل القوانين بسبب أو بأخر، كما يحدث في لانقلابات والكوارث الطبيعية التي تضرب العالم اليوم.
كما تتسم الحضارة الإسلامية بانفتاحيه، ونقصد بالانفتاح هو قبولها للأخر بما في ذلك الجانب العلائقي والاجتماعي، في وقت تتسم به بعض الحضارات بسمة الانغلاق والتقوقع ما يجعل من سلوكيات افرادها باطية وخفية، بل ويصنع لها لأتباعها نظرة دونية منه للأخرين ظنا منهم بأنهم شعوب مختارة من قبل الله تعالى عن ذلك او انهم من عرق أزرق دون الأخرين مثلا.
وليس أخيرا، فأن الحضارة الإسلامية تتسم بالتوازن الروحي والجسدي، فلم تنتهج ـ وهو منهج الدين الإسلامي ـ ترميم الروح دون الجسد، ولم تسعف الجسد البشري على حساب روحه، إذ نجدها منحت كل منهما حقه، وهو ما انعكس على اتباع هذه الحضارة، باعتبار أن التوازن في الحاجات البشرية ـ جسديا وروحيا ـ سيصنع منه خلق سوي يوازن في حاجاته ولا يستأسد على الأخرين إرضاء لعطشه الغرائزي او انجرار وراء نهمه الروحي، ما يجعله يحث الخطى في دنياه كما يحثا صوب اخرته ومآله الأخير.
ما يجعل منها خير أمة (حضارة)، ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ))(ال عمران ـ110).
ولأن الدين الإسلامي خاتم للأديان السماوية، وشامل كامل، كلي الأثر، فأن أثر ذلك سيكون على حاضراته، إنى كانت، فنجدها ـ معالم الحضارة الإسلامية ـ تشتمل على ما يجعل منها بعيدة الأفق وشمولية السعة ومواكبة والعصرية، ناهيك عن بعدها الإنساني والوسطي والقيمي التي تغطي جنباته.
ولأن الإسلام دين سماوي رباني، فإن اتباعه سيتسمون بذلك، ونقصد بكونهم ربانيين هو أن السمات التي يريد الله على خلقه ستتجلى بهم كمسلمين يؤمنون بأن الإسلام هو الحل الحقيقي لإنسانيتهم وسلوكياتها، وهو ما يتطبعون به.
وينسحب منهم ـ المسلمون ـ ذلك الأثر الى حضارتهم، ما يجعل منها هي الأخرى ربانية، وذلك من خلال الباسهم لها ما يوظف أثر الإسلام عليهم بها، خصوصا فيما يعنى باليوميات الحياتية وانتهاء بالأثر الفكري والبنائي أن صح التعبير، ومن ذلك اتسامها بأنها ربانية من صنع الله ومما يقع تحت حكومته، بمعنى أنها ـ الحضارة الإسلامية ـ كانت وستبقى تنتهج الفطرة الربانية السليمة معابرا لتمشية عجلتها، ولا تقترح قبالتها رؤى بشرية خديجة وغير ناضجة ولا مؤهلة لرسم ملامح سير مجموعة بشرية كبرى، ما قد تحيق ببني الإنسان فيها، كما حدث ذلك في بعض الأمم والحضارات التي رأت في نفسها مشرع ومقنن لمسارات اتباعها، ود اثبتت الأيام كارثة ما تعتقه كما حدث في اقوام لوط ونوح وبع الأمم التي خصف الله بها نكالا لما اشترعته لنفسها من شرعة.
وعلاوة على ما تتسم به الحضارة الإسلامية من ربانية، فإنها تتسم كذلك بالأناسة والأدمة، ونقصد بذلك أنها إنسانية وأدمية، تجتر ما يصنع الإنسان السوي والأدمي المحترم، ويؤسس لقيمة عليا له دون ان تستعبده او تهوي به دون أصل خلقته، في وقت عانت به بعض الحضارات من ثقافة استعبادية، ليس للإنسان فقط! أنما قد تكون استعبدته لصالح الجان مثلا بل وحتى الحيوان.
كما تتميز الحضارة الإسلامية بالتوحيدية، وهي سمة أكبر من كونها حالة عقائدية، باعتبار توحيد اتباع هذه الحضارة لخالقها، يصنع منهم اتباع لمنظومة فكرية تتعالى عن حالة الاستعداء ومن الاستعباد حتى، وبالتالي فأن كون الحضارة الإسلامية موحدة لله، يجعل من قوانينها وتشريعاتها ـ وبالتالي سلوكيات افرادها وجماعاتها ـ منضبطة ببوصلة الحساب والعقاب الأخروي المناط بالقدرة الألهية دون منازع، في وقت تؤسس الحضارات الأخرى لأربابها من الطغاة والسلاطين وربما نتاجاتهم كما يحدث في المؤسسات العملاقة التي تدير العالم اليوم من خلال الإعلام مثلا.
أما عن شمولية هذه الحضارة، فأن ذلك هو الأخر من موارد شيوعها، كونها لا تقف عن عنصر دون اخر، ولا توظف العنصرية والفئوية مقاسا لأتباعها، ما يجعل من القيمة الإنسانية موردا وحيدا في قيمة الفرد المنضوي تحتها.
وقد لا يفطن المتلقي منا لأهمية هذه السمة او الخصيصة، الا بعد ان يستقرأ ما حدث ويحدث مؤخرا في العالم من حروب ذات طابع عنصري (لونيا كان او فكريا او عقائديا، إن لم تدل الدلائل على الجنسي منها حتى)، وبالتالي فاجتياز الحضارة الإسلامية لعوائق العنصرية والفئوية ستؤدي لا محالة الى قبول انساني عالمي بعد ما تتقولب الحضارات الأخرى بصف اتباعها على حساب الأخرين مهما كانت اعراقهم واجناسهم وما يحملونه من فكر او عطاء.
من جهة أخرى، تتسم الحضارة الإسلامية بالأخلاقية، وعلى نسبية الأخلاق حسب قول البعض (وهو ما لا نتفق معه)، فأن للقيم الأخلاقية اليد الطولى في تسيير المجتمعات يوم تتعطل القوانين بسبب أو بأخر، كما يحدث في لانقلابات والكوارث الطبيعية التي تضرب العالم اليوم.
كما تتسم الحضارة الإسلامية بانفتاحيه، ونقصد بالانفتاح هو قبولها للأخر بما في ذلك الجانب العلائقي والاجتماعي، في وقت تتسم به بعض الحضارات بسمة الانغلاق والتقوقع ما يجعل من سلوكيات افرادها باطية وخفية، بل ويصنع لها لأتباعها نظرة دونية منه للأخرين ظنا منهم بأنهم شعوب مختارة من قبل الله تعالى عن ذلك او انهم من عرق أزرق دون الأخرين مثلا.
وليس أخيرا، فأن الحضارة الإسلامية تتسم بالتوازن الروحي والجسدي، فلم تنتهج ـ وهو منهج الدين الإسلامي ـ ترميم الروح دون الجسد، ولم تسعف الجسد البشري على حساب روحه، إذ نجدها منحت كل منهما حقه، وهو ما انعكس على اتباع هذه الحضارة، باعتبار أن التوازن في الحاجات البشرية ـ جسديا وروحيا ـ سيصنع منه خلق سوي يوازن في حاجاته ولا يستأسد على الأخرين إرضاء لعطشه الغرائزي او انجرار وراء نهمه الروحي، ما يجعله يحث الخطى في دنياه كما يحثا صوب اخرته ومآله الأخير.
ما يجعل منها خير أمة (حضارة)، ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ))(ال عمران ـ110).
الأكثر قراءة
25874
18683
13875
10739