| حقوق الإنسان | الأسس الإسلامية للاعتراف بالآخر والتعايش معه
2022-07-02 768
الأسس الإسلامية للاعتراف بالآخر والتعايش معه
الإنسان خليفة الله في الأرض، قال
تعالى ((.... إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة ...)) (البقرة
ـ30)، يقوم على إعمارها، ومن لوازم ذلك، العقل الواعي والإرادة
الحرة والقدرة على الاختيار.
ولا حقيقة لمهام الخلافة مع انتفاء الإرادة والاختيار، فالإنسان حر في اختيار آليات أداء هذه المهمة الجسيمة، ومن هنا اقترن الجزاء في الدنيا والاخرة بالحرية، ومن هذا تترتب عليه النتيجة ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)))(الزلزلة ـ 7 ـ 8)، ويقوم على ذلك كل تأصيل للاختيار، ونفي للإكراه ((لا إكراه في الدين...))(البقرة ـ256)، وقوله تعالى ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ))(يونس ـ99)، فالإكراه مرفوض بكل صوره، وخاصة الإكراه العقائدي.
ويؤسس على ذلك؛ حرية التعبير عن العقيدة والرأي والفكر والضمير؛ وهو ما يقود الى الاعتراف بالآخر وقبوله والتعايش معه، هذا أولا، ولذلك كان التنوع ضد الإكراه، وكانت الحرية وعاءً للتنوع وإطلاقا لمبادراته.
أما ثانيا، فالإسلام قرر وحدة الأصل ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)) (النساء ـ1)، وقال تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ))(الحجرات ـ13)، وبذلك نفى كل تمايز بسبب الدين أو العرق أو اللون أو المال او الطبقة او الفئة، ويؤسس على ذلك رفض التمييز والدونية الاجتماعية والاقتصادية والعرقية، وبدلا من التمايز أكد على ضرورة التكافؤ والمساواة والتسامح والانفتاح، وهو ما يقود إلى الاعتراف بالآخر والقبول به والتعايش معه.
وأما ثالثا، فقد قرر الإسلام مبدأ الكرامة الإنسانية، ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)) (الإسراء ـ 70)، التي ترفض الظلم والذل والاضطهاد والخضوع لغير الله، وقرر للإنسان ـ مطلق الإنسان ـ حقوقا ثابتة لا تتغير، ولا تُصادر كحق الحياة وحق العدل وحق الحرية وحق الكرامة وحق الأمن، وهو ما يؤسس للاعتراف بالآخر وقبوله والتعايش معه، وهذا تأسيس ثالث.
وأما رابعا، فإن الاختلاف ـ بكل اشكاله ـ سنة الحياة، ولا تقوم الحياة ولا تتطور وتتعمق إلا بالاختلاف، قال تعالى ((وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)) (الروم ـ22).
والاختلاف ـ هنا ـ هو اختلاف تكامل لا اختلاف تضاد وتناقض، وهذا الاختلاف الطبيعي يستتبع الأقدار بالتعدد أمرا واقعا، لا مناص منه، ((قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أهدى سَبِيلًا)) (الإسراء ـ 84)، ((وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (البقرة ـ 148).
ومن هنا، فأن الواقع يستلزم الاعتراف بالآخر المختلف في العقيدة والمنهج، وما ينتج عن ذلك من تعددية في أساليب التفكيك والحمل، وهو ما يقود الى الاعتراف بالآخر وقبوله والتعايش معه في إطار المنافع المتبادلة والاختصاصات التكاملية وإقامة وحدة المجتمعات البشرية من خلال تنوعها استنادا إلى المصالح والمنافع المتبادلة.
وأما خامسا، فإن الإسلام دين العدل، دين يرفض الظلم ويحارب الاستبداد ويقاوم التسلط على الاخرين، كون هذه الممارسات ظالمة وتشُل الحياة وتُعطل مقومات الإنسانية التي تجعل الحرية فضاء طبيعيا لكل إبداع وتطور.
واللافت للنظر؛ إن الإسلام لم يؤكد على مبدأ أو قيمة أو مفهوم كتأكيده على العدل والمساواة، حتى أنه جعل إقامة العدل أهم أهداف النبوات، ((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)) (الحديد ـ25)، ومن هنا؛ جاء التأكيد بوجوب إقامة العدل وإشاعته باعتباره عماد الحياة البشرية، فالعدل ضامن للحقوق جميعها، فهو عماد كل تجربة، ومقياس كل عمل، وفي طليعة استحقاقات العدل إقرار حقوق البشر ورفض استعبادهم وظلمهم واستغلالهم ومصادرة حقوقهم في الولاية على أنفسهم والقدرة على التصرف فيما يملكون.
ويربط الإسلام التجربة الإنسانية بمبدأ العدل، ويجعل من الإيمان مرتبطا بالعدل، فهو يُحرّض على العمل المضاد للظلم ـ بكل صوره ـ ويراه عملا مقدسا، يستوجب الثواب مما يُلحقه بالعمل الجهادي.
ومن مظاهر تقديس الإسلام للعدل ورفضه للظلم، ربطه العداوة مع الاخر بالكفر بالعقيدة، بل بربط العداوة بالظلم، سواء كان الظالم مسلما أو غير مسلم، وهو لا يرى نكيرا في حب المسلم للمخالف العقائدي، ((هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)) (آل عمران ـ119).
ويسمو الإسلام إلى أعلى درجات التسامح والحب والإنصاف حين يحض المسلمين على حب المخالفين وبرّهم وإنصافهم ((لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) (الممتحنة ـ8).
لذا فأن نفي الإسلام للظلم وهضم حقوق الآخر، ومطالبته بالعدل وإنصاف الآخر والمحافظة على قدسية الإنسان، مطلق الإنسان ـ ومعاملته بالحسنى، يتناسب مع إنسانيته، وينسجم مع مسؤوليته، وهو ما يؤسس ويقود إلى الاعتراف بالآخر وقبوله والتعايش معه.
وهكذا نرى الإسلام من منطلق مبدئي يعترف بالآخر، ويحترم إنسانيته وعقيدته وآراءه ومواقفه بغّض النظر عن مدى مطابقتها لعقيدة الإسلام، فهو يحترم الإنسان كقيمة مطلقة مجردة من كل اللواحق والصفات، ويتعايش معه بحب واحترام وشفافية وتعاون، لهذا نرى أن المجتمعات الإسلامية التي استوعبت حقائق الإسلام الفكرية والروحية والسلوكية هي الأقدر على احتواء الآخر والتعايش معه، بل والاندماج فيه مع احترام كل واحد لخصوصية الآخر.
ولا حقيقة لمهام الخلافة مع انتفاء الإرادة والاختيار، فالإنسان حر في اختيار آليات أداء هذه المهمة الجسيمة، ومن هنا اقترن الجزاء في الدنيا والاخرة بالحرية، ومن هذا تترتب عليه النتيجة ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)))(الزلزلة ـ 7 ـ 8)، ويقوم على ذلك كل تأصيل للاختيار، ونفي للإكراه ((لا إكراه في الدين...))(البقرة ـ256)، وقوله تعالى ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ))(يونس ـ99)، فالإكراه مرفوض بكل صوره، وخاصة الإكراه العقائدي.
ويؤسس على ذلك؛ حرية التعبير عن العقيدة والرأي والفكر والضمير؛ وهو ما يقود الى الاعتراف بالآخر وقبوله والتعايش معه، هذا أولا، ولذلك كان التنوع ضد الإكراه، وكانت الحرية وعاءً للتنوع وإطلاقا لمبادراته.
أما ثانيا، فالإسلام قرر وحدة الأصل ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)) (النساء ـ1)، وقال تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ))(الحجرات ـ13)، وبذلك نفى كل تمايز بسبب الدين أو العرق أو اللون أو المال او الطبقة او الفئة، ويؤسس على ذلك رفض التمييز والدونية الاجتماعية والاقتصادية والعرقية، وبدلا من التمايز أكد على ضرورة التكافؤ والمساواة والتسامح والانفتاح، وهو ما يقود إلى الاعتراف بالآخر والقبول به والتعايش معه.
وأما ثالثا، فقد قرر الإسلام مبدأ الكرامة الإنسانية، ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)) (الإسراء ـ 70)، التي ترفض الظلم والذل والاضطهاد والخضوع لغير الله، وقرر للإنسان ـ مطلق الإنسان ـ حقوقا ثابتة لا تتغير، ولا تُصادر كحق الحياة وحق العدل وحق الحرية وحق الكرامة وحق الأمن، وهو ما يؤسس للاعتراف بالآخر وقبوله والتعايش معه، وهذا تأسيس ثالث.
وأما رابعا، فإن الاختلاف ـ بكل اشكاله ـ سنة الحياة، ولا تقوم الحياة ولا تتطور وتتعمق إلا بالاختلاف، قال تعالى ((وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)) (الروم ـ22).
والاختلاف ـ هنا ـ هو اختلاف تكامل لا اختلاف تضاد وتناقض، وهذا الاختلاف الطبيعي يستتبع الأقدار بالتعدد أمرا واقعا، لا مناص منه، ((قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أهدى سَبِيلًا)) (الإسراء ـ 84)، ((وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (البقرة ـ 148).
ومن هنا، فأن الواقع يستلزم الاعتراف بالآخر المختلف في العقيدة والمنهج، وما ينتج عن ذلك من تعددية في أساليب التفكيك والحمل، وهو ما يقود الى الاعتراف بالآخر وقبوله والتعايش معه في إطار المنافع المتبادلة والاختصاصات التكاملية وإقامة وحدة المجتمعات البشرية من خلال تنوعها استنادا إلى المصالح والمنافع المتبادلة.
وأما خامسا، فإن الإسلام دين العدل، دين يرفض الظلم ويحارب الاستبداد ويقاوم التسلط على الاخرين، كون هذه الممارسات ظالمة وتشُل الحياة وتُعطل مقومات الإنسانية التي تجعل الحرية فضاء طبيعيا لكل إبداع وتطور.
واللافت للنظر؛ إن الإسلام لم يؤكد على مبدأ أو قيمة أو مفهوم كتأكيده على العدل والمساواة، حتى أنه جعل إقامة العدل أهم أهداف النبوات، ((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)) (الحديد ـ25)، ومن هنا؛ جاء التأكيد بوجوب إقامة العدل وإشاعته باعتباره عماد الحياة البشرية، فالعدل ضامن للحقوق جميعها، فهو عماد كل تجربة، ومقياس كل عمل، وفي طليعة استحقاقات العدل إقرار حقوق البشر ورفض استعبادهم وظلمهم واستغلالهم ومصادرة حقوقهم في الولاية على أنفسهم والقدرة على التصرف فيما يملكون.
ويربط الإسلام التجربة الإنسانية بمبدأ العدل، ويجعل من الإيمان مرتبطا بالعدل، فهو يُحرّض على العمل المضاد للظلم ـ بكل صوره ـ ويراه عملا مقدسا، يستوجب الثواب مما يُلحقه بالعمل الجهادي.
ومن مظاهر تقديس الإسلام للعدل ورفضه للظلم، ربطه العداوة مع الاخر بالكفر بالعقيدة، بل بربط العداوة بالظلم، سواء كان الظالم مسلما أو غير مسلم، وهو لا يرى نكيرا في حب المسلم للمخالف العقائدي، ((هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)) (آل عمران ـ119).
ويسمو الإسلام إلى أعلى درجات التسامح والحب والإنصاف حين يحض المسلمين على حب المخالفين وبرّهم وإنصافهم ((لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) (الممتحنة ـ8).
لذا فأن نفي الإسلام للظلم وهضم حقوق الآخر، ومطالبته بالعدل وإنصاف الآخر والمحافظة على قدسية الإنسان، مطلق الإنسان ـ ومعاملته بالحسنى، يتناسب مع إنسانيته، وينسجم مع مسؤوليته، وهو ما يؤسس ويقود إلى الاعتراف بالآخر وقبوله والتعايش معه.
وهكذا نرى الإسلام من منطلق مبدئي يعترف بالآخر، ويحترم إنسانيته وعقيدته وآراءه ومواقفه بغّض النظر عن مدى مطابقتها لعقيدة الإسلام، فهو يحترم الإنسان كقيمة مطلقة مجردة من كل اللواحق والصفات، ويتعايش معه بحب واحترام وشفافية وتعاون، لهذا نرى أن المجتمعات الإسلامية التي استوعبت حقائق الإسلام الفكرية والروحية والسلوكية هي الأقدر على احتواء الآخر والتعايش معه، بل والاندماج فيه مع احترام كل واحد لخصوصية الآخر.
الأكثر قراءة
26897
18766
14034
10856