19 جمادي الاول 1446 هـ   21 تشرين الثاني 2024 مـ 12:52 مساءً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

 | محمد (صلى الله عليه وآله) الشهيد |  هل ترك النبي قومه بفراغ تشريعي ودستوري؟
2022-02-09   3190

هل ترك النبي قومه بفراغ تشريعي ودستوري؟

جرت العادة، حتى في صغريات الطروحات والمشاريع التنظيمية فضلا عن الإنسانية، بضرورة أن يأخذ صاحب المشروع اسوء الاحتمالات ويعالجها بما يمد مشروعه بالبقاء والحيوية، وهو ما يحصل على صعيد التنظيمات الوضعية للدول من خلال دساتيرها، ومن ذلك مثلا تسمية ولي العهد (اذا كان النظام ملكيا) او نائب الرئيس (اذا كان ديمقراطيا) كرئيس شرعي يخلف سلفه الأصيل في تمشية أمور بلاده وإدارة ملفتها ريثما تستقر الأوضاع، ولم يحصل ان نست أو تناست أي من هذه البلدان تشريعا جوهريا كهذا، خشية منها على كينونة البلد وتمشية منها لمصالح مواطنيها وحقوقهم بل وحقوقها عليهم.
بل وإننا نجد ذلك حتى على صعيد الشركات والجمعيات الصغيرة! وحتى على صعيد إدارة الأسرة بُعيد رحيل الأب عنها.
وهنا ثمة سؤال يلح بالخاطر وهو: هل ترك النبي الأكرم ـــ وهو يغادر هذه الدنيا الى جوار ربه الدّيان ـــ مشروع السماء الذي أوكل اليه، من غير تسمية وريثه الشرعي في إدارة دفته وتبيان آليات إدارته، سيما وأنه مشروع إلهي عالمي أبدي؟
والجواب بقياس مع الفارق، أن من الحكمة بمكان ان يسمي صاحب المشروع ـــ أي مشروع ـــ أدوات استمرار مشروعه، فما بالك إذا كان هذا المشروع مشروعا إلهيا وطرحا حكيما من لدن حكيم رحيم اصطفى خيرة صفوته في إدارة شؤون رسالته الى خلقه، وبالتالي فإن تمام واجب الرسالة يحتم على النبي الأكرم ان يبين مآلات الأشياء من بعده، سيما وأن المساحة بين بداية ارهاصات رحيله ومفارقته للدنيا، تسمح له بتلك التسمية، هذا من جهة، فضلا عن إن مشروعا عظيما كالرسالة الإسلامية يحتم تلك التسمية، ولا يقبل المجازفة في عدم إيضاح تلك المآلات قبل فواتها، وهو ما كان قد عمد اليه النبي الأكرم ومنذ السنوات الإول لنبوته في تدريب وتأهيل من يستلم من بعده زمام القيادة والإدارة لهذه الرسالة؛ وإن كانت بعنوان الإمامة التي سنرى في وقت لاحق إنها وجه أخر من أوجه النبوة ولكن بفارق. 
ومن جهة أخرى، فأن ما عهد عليه النبي وعُرف به من جدة ودقة وتنظيم لصغريات الأمور، هو الأخر يستوجب أكثر من ذلك حرصا في كبرياتها مما تستحق بيئة وازنة بشكل لا يقبل لأي احتمال غير مأمون.

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م