| دراسات | كيف انتقل الإسلام بمفاهيم الدين من الطقسنة والرهبنة إلى الأنسنة؟
2022-05-01 909
كيف انتقل الإسلام بمفاهيم الدين من الطقسنة والرهبنة إلى الأنسنة؟
يعُرّف الدين بشكل شمولي عام بأنه
منهج ووسيلة ارتباط بين العابد والمعبود، ويختلف هذا الارتباط وفقا
لاختلاف الرؤية للخالق، وعلى أثره تختلف الوسائل لعبادته، وهذا
بدوره يخضع لمستوى علم العابد بمعبوده، لذلك سار الدين ضمن هذا
الاختلاف باتجاهين متباعدين؛ اتجاه يمثل دين من صناعة بشرية أوجدته
مخيلة البشر بفهمها وتصوراتها القاصرة للمعبود لذلك سميت هذه
الديانات بـ الديانات الوضعية حيث تمارس فيها طقوس شتى، يعتقد
ممارسها بأنها تقربه للرب الذي يؤمن به ويعبده، وهذا ما نشاهده في
الديانات البوذية والهندوسية والزرادشتية والكونفوشيوسية، وصولا
لباقي الديانات الأرضية، حيث يعبد كل منها ربا خاصا بها، بطقوس
وأساليب متعددة صارت سببا لتعدد الأرباب.
والطقوس هذه هي عبارة عن رياضات وحركات يراد بها رضا الرب الذي يعتقد صاحب الطقس به؛ ومن المؤكد أنها تختلف من ديانة لأخرى؛ كلا حسب اعتقاده وقناعاته بالوسيلة التي تقربه لربه.
وقد يغالي البعض منهم ويمارس الرهبنة - الاعتكاف واعتزال الناس زيادة في التعبد - أملا في بلوغ مراتب إيمانية أعلى عند هذا الرب أو ذاك.
أما الاتجاه الآخر من الديانات، فهي الديانات السماوية التي تمثل رسالة الله لعباده؛ كي يعرفوه بما عرف به نفسه، ويعملوا بأحكامه وتشريعاته بعد بيان الرسول المكلف بها؛ وقد أضيفت بعض الطقوس والرياضيات لهذا الدين أو ذاك من خلال فهم اتباعه له ، حتى أن بعضها ـ الطقوس ـ كانت بعيدة كل البعد عن أهداف الدين ومقاصده، في حين اعتقد واضعوها ـ متوهمين ـ أنها تؤكد وتزيد الارتباط الديني بين العابد والمعبود بشكل اكثر؛ رغم أن أغلبها بعيد عن جوهر الدين؛ ولم ينزل به أمر سماوي، وربما وضعت بعضها بقصد تجهيل الناس من قبل المنتفعين المبتدعين لها، ليتوارثها الناس جيلا إثر جيل، مشكلين بذلك إساءة لرسالة الدين الحقيقة التي تريد نقلهم من الظلمات إلى النور((يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)) (المائدة-16)، حتى أن عيون الممارسين لهذه الطقوس ـ ولا نقصد كل الطقوس ـ قد عميت عيونهم عن التقصي والتحقق عن جذورها وأصولها؛ فانقادوا لها مختارين بإرادتهم، وصارت من موروثات دينهم.
وقد تختلف ممارسة الطقوس بين الأديان السماوية، الا أن بعضها ـ وفي كل دين ـ يبقى بدعة لا أصل لها، خصوصا وأن بعضها استلب استلابا من الأديان الشركية التي تؤمن بتعدد الأرباب، وهو ما زاد من تعددها وتنوعها وربما أدت الى تكثير الأرباب، مختلفة بذلك عن دين الموحدين الذي يؤسس للإيمان بإله واحد، لتقام له الطقوس.
من جهة أخرى، يختلف الناس في فهم واستيعاب معنى الطقوس؛ فمنهم من يمارسها على أنها عادة متوارثة لا غير!، وليس لها أي تأثير يلامس جوهره؛ كونها بعيدة عن مقاصد الدين الحقيقية التي تحاكي فطرته، لذلك يمارسها بعمى، وعقل خالي من كل تدبر وتعقل، وهذا ما يرفضه الإسلام جملة وتفصيلا، لأنه يريد بدعوته نقل الإنسان دائما من الخرافة والأسطرة إلى حالة التدبر والتعقل في كل ما يرد عليه وفي آياته ((فَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)) (محمد-24).
لذلك خلصت غاية الإسلام من التأمل والتدبر وتعقل آيات الكتاب إلى تعريف الإنسان بقدره ورفعته عن الله كونه خليفته، حتى يكون إيمانه عن بينة وليس انقيادا أعمى جاهلا كما في الطقوس العمياء.
من هنا نجد أن الإسلام يرفض الممارسات المنحرفة التي تشتت فكر الناس وتبعدهم عن معرفة دين الحق، خصوصا تلك التي وجدت بفعل فاعل منتفع من تجهيل الناس ودفعهم لفعل يستنكره العقل السليم والفطرة السوية، لأن قصده ـ الفاعل المنتفع ـ التأثير سلبا في البنية القيمية والأخلاقية للمجتمع.
أما ما يتعلق بطقس الرهبنة الذي تمارسه بعض الديانات كتقليد موروث، هو الأخر جعل الإنسان منكفأ منعزلا عن مجتمعه غريبا عنه؛ لا يشارك في إصلاحه، وقد يكون القصد من هذا الطقس زيادة في الإيمان وخوفا من الخالق، إلا أن هذا التطرف في الفهم هو الأخر مما يرفضه الإسلام، ما جعله يحث على العمل الجماعي الصالح ويبغض الانعزال والعزلة عن الناس بكل ألوانها، ودليلنا في ذلك الكثير من الآيات القرآنية التي تخاطب المجموع ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) (التوبة -105)، لذلك لا يؤمن الإسلام بالرهبنة ((........رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ .....)) ((الحديد-27) كسلوك يتخذه المسلمون لهم، بل يدعو لممارسات عقلانية في التعبد من خلال المجموع والعمل الجماعي، ولمن يستقرأ سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه واله يجد الكثير من تأكيداته على الجماعة والاجتماع الصالح والابتعاد عن كل ظلمة دفع إليها تحت ظل تقديس ما لم يؤمر به كتاب ولا سنة صحيحة معتبرة، ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب)) (الحشر ـ7)، ولا يعني هذا أن الإسلام يرفض التأمل والتفكر في الكون وعظمة الخالق بل يحث عليهما باعتدال دون تطرف ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) (فصلت-53) حتى يستدل بهما على أن لهذا الكون والإنسان خالقا مدبرا عظيم الشأن.
والطقوس هذه هي عبارة عن رياضات وحركات يراد بها رضا الرب الذي يعتقد صاحب الطقس به؛ ومن المؤكد أنها تختلف من ديانة لأخرى؛ كلا حسب اعتقاده وقناعاته بالوسيلة التي تقربه لربه.
وقد يغالي البعض منهم ويمارس الرهبنة - الاعتكاف واعتزال الناس زيادة في التعبد - أملا في بلوغ مراتب إيمانية أعلى عند هذا الرب أو ذاك.
أما الاتجاه الآخر من الديانات، فهي الديانات السماوية التي تمثل رسالة الله لعباده؛ كي يعرفوه بما عرف به نفسه، ويعملوا بأحكامه وتشريعاته بعد بيان الرسول المكلف بها؛ وقد أضيفت بعض الطقوس والرياضيات لهذا الدين أو ذاك من خلال فهم اتباعه له ، حتى أن بعضها ـ الطقوس ـ كانت بعيدة كل البعد عن أهداف الدين ومقاصده، في حين اعتقد واضعوها ـ متوهمين ـ أنها تؤكد وتزيد الارتباط الديني بين العابد والمعبود بشكل اكثر؛ رغم أن أغلبها بعيد عن جوهر الدين؛ ولم ينزل به أمر سماوي، وربما وضعت بعضها بقصد تجهيل الناس من قبل المنتفعين المبتدعين لها، ليتوارثها الناس جيلا إثر جيل، مشكلين بذلك إساءة لرسالة الدين الحقيقة التي تريد نقلهم من الظلمات إلى النور((يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)) (المائدة-16)، حتى أن عيون الممارسين لهذه الطقوس ـ ولا نقصد كل الطقوس ـ قد عميت عيونهم عن التقصي والتحقق عن جذورها وأصولها؛ فانقادوا لها مختارين بإرادتهم، وصارت من موروثات دينهم.
وقد تختلف ممارسة الطقوس بين الأديان السماوية، الا أن بعضها ـ وفي كل دين ـ يبقى بدعة لا أصل لها، خصوصا وأن بعضها استلب استلابا من الأديان الشركية التي تؤمن بتعدد الأرباب، وهو ما زاد من تعددها وتنوعها وربما أدت الى تكثير الأرباب، مختلفة بذلك عن دين الموحدين الذي يؤسس للإيمان بإله واحد، لتقام له الطقوس.
من جهة أخرى، يختلف الناس في فهم واستيعاب معنى الطقوس؛ فمنهم من يمارسها على أنها عادة متوارثة لا غير!، وليس لها أي تأثير يلامس جوهره؛ كونها بعيدة عن مقاصد الدين الحقيقية التي تحاكي فطرته، لذلك يمارسها بعمى، وعقل خالي من كل تدبر وتعقل، وهذا ما يرفضه الإسلام جملة وتفصيلا، لأنه يريد بدعوته نقل الإنسان دائما من الخرافة والأسطرة إلى حالة التدبر والتعقل في كل ما يرد عليه وفي آياته ((فَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)) (محمد-24).
لذلك خلصت غاية الإسلام من التأمل والتدبر وتعقل آيات الكتاب إلى تعريف الإنسان بقدره ورفعته عن الله كونه خليفته، حتى يكون إيمانه عن بينة وليس انقيادا أعمى جاهلا كما في الطقوس العمياء.
من هنا نجد أن الإسلام يرفض الممارسات المنحرفة التي تشتت فكر الناس وتبعدهم عن معرفة دين الحق، خصوصا تلك التي وجدت بفعل فاعل منتفع من تجهيل الناس ودفعهم لفعل يستنكره العقل السليم والفطرة السوية، لأن قصده ـ الفاعل المنتفع ـ التأثير سلبا في البنية القيمية والأخلاقية للمجتمع.
أما ما يتعلق بطقس الرهبنة الذي تمارسه بعض الديانات كتقليد موروث، هو الأخر جعل الإنسان منكفأ منعزلا عن مجتمعه غريبا عنه؛ لا يشارك في إصلاحه، وقد يكون القصد من هذا الطقس زيادة في الإيمان وخوفا من الخالق، إلا أن هذا التطرف في الفهم هو الأخر مما يرفضه الإسلام، ما جعله يحث على العمل الجماعي الصالح ويبغض الانعزال والعزلة عن الناس بكل ألوانها، ودليلنا في ذلك الكثير من الآيات القرآنية التي تخاطب المجموع ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) (التوبة -105)، لذلك لا يؤمن الإسلام بالرهبنة ((........رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ .....)) ((الحديد-27) كسلوك يتخذه المسلمون لهم، بل يدعو لممارسات عقلانية في التعبد من خلال المجموع والعمل الجماعي، ولمن يستقرأ سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه واله يجد الكثير من تأكيداته على الجماعة والاجتماع الصالح والابتعاد عن كل ظلمة دفع إليها تحت ظل تقديس ما لم يؤمر به كتاب ولا سنة صحيحة معتبرة، ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب)) (الحشر ـ7)، ولا يعني هذا أن الإسلام يرفض التأمل والتفكر في الكون وعظمة الخالق بل يحث عليهما باعتدال دون تطرف ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) (فصلت-53) حتى يستدل بهما على أن لهذا الكون والإنسان خالقا مدبرا عظيم الشأن.
الأكثر قراءة
24257
18565
13608
10345