2022-04-21 783
تقدمية النظم الحقوقية والقضائية في الإسلام
أقر الإسلام الحقوق القضائية بشكل
غاية في الدقة والتنظيم، سواء ما كان منها للمدعي او للمدعى عليه،
فضلا عما للقاضي وما عليه، كل ذلك في وقت لم تألف البشرية غير لغة
القوة وغمط الحقوق والغلبة للأقوى وليس للأحق، ومن تلك الحقوق ما
سنذكره لاحقا مما يعد حالة تقدمية جدا عما وصل اليه القضاء
العصري:
1. المساواة في الامتثال القضائي: إذ أسس الإسلام لما يسمى اليوم بالشكلية القضائية، فضلا عن وضعه للبنة الأولى لروح القضاء المتمثلة في العدالة، إذ يساوي الإسلام بين المدعي والمدعى عليه امام القاضي، بما يمنع إشعار المدعى عليه بميل القاضي نحوه، وأن كان صاحب حق، مما قد يسبب له فتورا في حجته ومحاججته.
كما أكد نبي الإسلام صلوات الله عليه وأله بضرورة ان يمنح المتخاصمان ما يكفيهما للدفاع عن أنفسهما دون ملل من القاضي، حيث قال: "إذا جلس إليك الخصمان، فلا تقضي بينهما حتى تسمع من الآخر، كما سمعت من الأول، فإنك ان فعلت ذلك تبين لك القضاء".
اما ما يخص المساواة بالمثول أمام القاضي، فقد جسده خليفة الرسول الأكرم، أمير المؤمنين علي عليهما السلام، عندما نازعه يهودي في درع له ـــ وهو في منصب خليفة رسول الله وأمير المؤمنين بما يساوي اليوم رئيس الدولة ـــ فتراه يوصي قاضيه بأن يساوي بين المتقاضين عنده في اللحظة والنظرة والاشارة والتحية بما يمنع طمع العظماء في حيفه فضلا عن منعه الضعفاء من اليأس من عدله".
2. المحاكمة العلنية: وهي من أهم النظم القضائية العصرية التي سبق وأن اقرها الإسلام، ما يثبت تقدميته وعصريته بل وفوقيته على غيره من النظم، كون الجلسات العلنية من أهم مبادئ القضاء العادل، فضلا عن كونه حق اجتماعي للمدعى عليه لئلا تحيد العدالة عن طريقها فيعدل عوجها بالجمهور خصوصا إذا كانت الدولة هي الخصم في ذلك، وهذا ما دفع امير المؤمنين علي عليه السلام ان يأمر قاضيه شريح بأن يقضي بين الناس في المسجد وليس من داره لئلا تكون محاكماته اشبه بالسرية.
3. حق المتداعين بالدفاع عن نفسيهما: وهو من المبادئ القضائية المهمة، خصوصا وأنه خلاصة ما توصلت اليه النظم العصرية، واقرته الدساتير الحالية، وتكمن عدالته في كونه يوازن الكفة مع مبدأ اعتماد الشهود والبينة.
وتكمن عدالة هذا المبدأ ـــ مبدأ حرية الدفاع ـــ أن ثمة قضايا لا يمكن إثباتها بالشهادة، فضلا عن وجود أخرى لا يمكن الاكتفاء بها ما لم يكن لصوت المدعى عليه من أثر، كونه من يملك الحقيقة بذلك.
4. مبدأ الإقرار عن وعي: وهو من المبادئ القضائية السامية، وضرورته تكمن في إن إقرار المدعى عليه يجب ان يخضع لعلمه ووعيه التامين بالقانون، خصوصا والحال عند تعقد النظم القضائية وتشابك الرؤى فيها وكثرتها، ما يتطلب من المقر على حاله، إن يعرف عواقب أمره وأن يعي إثر ذلك عليه، كما يجب على المقر أن يقر بذنبه بعيدا عن الإكراه؛ وأنه يمارسه بكامل حريته دون ضغط التعذيب او الترهيب او الترغيب بل وحتى التهييب الذي يستخدمه القضاة او الوجهاء في تغيير قناعات المقر على نفسه، خصوصا وأن جذر ذلك هو من السنة النبوية الشريفة ومنه ما قاله الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام: "لا حدّ على معترف بعد بلاء".
وينسحب من ذلك مبدأ اخر، أكثر أهمية، الا وهو علم المدعى عليه بكون ما يقترفه يعد جريمة ويعاقب عليه القانون، وهو ما صيغ مؤخرا بأن الجريمة وعقابها بنص، أي لا بد من النص على الجرائم وعقوباتها بما يجعل المكلف بعلم كافٍ بما يمنعه من ارتكاب الجرم.
5. مبدأ التفسير القضائي ينسحب أولا لصالح صاحب الحق: وهو مبدأ إنساني يبتنى على مرونة ما يتحصل عليه القاضي من أدلة تدين المتهم، خصوصا تلك التي تشكل بمجملها تعارضا فيما بينها، ما يجعل الرؤية مشوشة لدى القاضي، وهنا يتدخل الجانب الإنساني في تطبيق روح القانون، عبر تفسير الدليل لصالح صاحب الحق إذا كانت الخصومة مالية، وإذا كان الخصم هو الحكومة فيفسر الدليل لصالح الطرف الأضعف (الفرد).
اما عن ضمانات القضاء الإسلامي، فقد وضع الإسلام عدة ضمانات تجعل القضاء في المسار الصواب، منها:
1. الاستقلال في القضاء: استقلال القضاء، اهم ملمح من ملامح الدول العصرية، وهو ما اقرته معظم التشريعات المعاصرة، ويراد به استقلاله عن تسلط السلطة التنفيذية او التشريعية، بعد ان حصر مراقبته من قبله كونه القاضي الأول وما يعادل منصب رئيس السلطة القضائية حاليا.
2. وحدة الإحكام القضائية: بغية إشاعة النظام العام، وإفهام الجمهور بالثبات والاستقرار القضائي، أكد الإسلام على ضرورة مراعاة وحدة الأحكام القضائية، وعدم تبدلها الا بتبدل الحال والظرف، لئلا تفسد هذه المتغيرات قبول الناس لها، وتزعزع ثقتهم به، ومن ذلك ما أكده امير المؤمنين عليه السلام بالقول:"لو أختصم إليّ رجلان، فقضيت بينهما ثم مكثا أحوالاً كثيرة ثم أتياني في ذلك الأمر لقضيت بينهما قضاءً واحداً، لأن القضاء لا يحول ولا يزول"، لذا نراه عليه السلام يجمع قضاته ويصوب آرائهم ويقوم خللهم ويوحد حكمهم.
1. المساواة في الامتثال القضائي: إذ أسس الإسلام لما يسمى اليوم بالشكلية القضائية، فضلا عن وضعه للبنة الأولى لروح القضاء المتمثلة في العدالة، إذ يساوي الإسلام بين المدعي والمدعى عليه امام القاضي، بما يمنع إشعار المدعى عليه بميل القاضي نحوه، وأن كان صاحب حق، مما قد يسبب له فتورا في حجته ومحاججته.
كما أكد نبي الإسلام صلوات الله عليه وأله بضرورة ان يمنح المتخاصمان ما يكفيهما للدفاع عن أنفسهما دون ملل من القاضي، حيث قال: "إذا جلس إليك الخصمان، فلا تقضي بينهما حتى تسمع من الآخر، كما سمعت من الأول، فإنك ان فعلت ذلك تبين لك القضاء".
اما ما يخص المساواة بالمثول أمام القاضي، فقد جسده خليفة الرسول الأكرم، أمير المؤمنين علي عليهما السلام، عندما نازعه يهودي في درع له ـــ وهو في منصب خليفة رسول الله وأمير المؤمنين بما يساوي اليوم رئيس الدولة ـــ فتراه يوصي قاضيه بأن يساوي بين المتقاضين عنده في اللحظة والنظرة والاشارة والتحية بما يمنع طمع العظماء في حيفه فضلا عن منعه الضعفاء من اليأس من عدله".
2. المحاكمة العلنية: وهي من أهم النظم القضائية العصرية التي سبق وأن اقرها الإسلام، ما يثبت تقدميته وعصريته بل وفوقيته على غيره من النظم، كون الجلسات العلنية من أهم مبادئ القضاء العادل، فضلا عن كونه حق اجتماعي للمدعى عليه لئلا تحيد العدالة عن طريقها فيعدل عوجها بالجمهور خصوصا إذا كانت الدولة هي الخصم في ذلك، وهذا ما دفع امير المؤمنين علي عليه السلام ان يأمر قاضيه شريح بأن يقضي بين الناس في المسجد وليس من داره لئلا تكون محاكماته اشبه بالسرية.
3. حق المتداعين بالدفاع عن نفسيهما: وهو من المبادئ القضائية المهمة، خصوصا وأنه خلاصة ما توصلت اليه النظم العصرية، واقرته الدساتير الحالية، وتكمن عدالته في كونه يوازن الكفة مع مبدأ اعتماد الشهود والبينة.
وتكمن عدالة هذا المبدأ ـــ مبدأ حرية الدفاع ـــ أن ثمة قضايا لا يمكن إثباتها بالشهادة، فضلا عن وجود أخرى لا يمكن الاكتفاء بها ما لم يكن لصوت المدعى عليه من أثر، كونه من يملك الحقيقة بذلك.
4. مبدأ الإقرار عن وعي: وهو من المبادئ القضائية السامية، وضرورته تكمن في إن إقرار المدعى عليه يجب ان يخضع لعلمه ووعيه التامين بالقانون، خصوصا والحال عند تعقد النظم القضائية وتشابك الرؤى فيها وكثرتها، ما يتطلب من المقر على حاله، إن يعرف عواقب أمره وأن يعي إثر ذلك عليه، كما يجب على المقر أن يقر بذنبه بعيدا عن الإكراه؛ وأنه يمارسه بكامل حريته دون ضغط التعذيب او الترهيب او الترغيب بل وحتى التهييب الذي يستخدمه القضاة او الوجهاء في تغيير قناعات المقر على نفسه، خصوصا وأن جذر ذلك هو من السنة النبوية الشريفة ومنه ما قاله الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام: "لا حدّ على معترف بعد بلاء".
وينسحب من ذلك مبدأ اخر، أكثر أهمية، الا وهو علم المدعى عليه بكون ما يقترفه يعد جريمة ويعاقب عليه القانون، وهو ما صيغ مؤخرا بأن الجريمة وعقابها بنص، أي لا بد من النص على الجرائم وعقوباتها بما يجعل المكلف بعلم كافٍ بما يمنعه من ارتكاب الجرم.
5. مبدأ التفسير القضائي ينسحب أولا لصالح صاحب الحق: وهو مبدأ إنساني يبتنى على مرونة ما يتحصل عليه القاضي من أدلة تدين المتهم، خصوصا تلك التي تشكل بمجملها تعارضا فيما بينها، ما يجعل الرؤية مشوشة لدى القاضي، وهنا يتدخل الجانب الإنساني في تطبيق روح القانون، عبر تفسير الدليل لصالح صاحب الحق إذا كانت الخصومة مالية، وإذا كان الخصم هو الحكومة فيفسر الدليل لصالح الطرف الأضعف (الفرد).
اما عن ضمانات القضاء الإسلامي، فقد وضع الإسلام عدة ضمانات تجعل القضاء في المسار الصواب، منها:
1. الاستقلال في القضاء: استقلال القضاء، اهم ملمح من ملامح الدول العصرية، وهو ما اقرته معظم التشريعات المعاصرة، ويراد به استقلاله عن تسلط السلطة التنفيذية او التشريعية، بعد ان حصر مراقبته من قبله كونه القاضي الأول وما يعادل منصب رئيس السلطة القضائية حاليا.
2. وحدة الإحكام القضائية: بغية إشاعة النظام العام، وإفهام الجمهور بالثبات والاستقرار القضائي، أكد الإسلام على ضرورة مراعاة وحدة الأحكام القضائية، وعدم تبدلها الا بتبدل الحال والظرف، لئلا تفسد هذه المتغيرات قبول الناس لها، وتزعزع ثقتهم به، ومن ذلك ما أكده امير المؤمنين عليه السلام بالقول:"لو أختصم إليّ رجلان، فقضيت بينهما ثم مكثا أحوالاً كثيرة ثم أتياني في ذلك الأمر لقضيت بينهما قضاءً واحداً، لأن القضاء لا يحول ولا يزول"، لذا نراه عليه السلام يجمع قضاته ويصوب آرائهم ويقوم خللهم ويوحد حكمهم.
الأكثر قراءة
26889
18766
14031
10854