2 جمادي الثاني 1446 هـ   4 كانون الأول 2024 مـ 11:47 صباحاً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

2022-08-11   951

مدينة القباب الزرقاء.. سمرقند موطن العلماء المسلمين

تعتبر "سمرقند" عاصمة إسلامية كبرى، بل ومركزا علمية وثقافيا وفنيا يمثل حقبة مهمة من المسار الإسلامي، فضلا عن كونها موطنا للعديد من كبار العلماء المسلمين.
وتمتاز سمر قند بكثرة قبابها المزخرفة، وهو مدعاة تسميتها بـ"مدينة القباب الزرقاء".
وتقع سمرقند في وسط جمهورية أوزبكستان، ما يجعلها تتوسط القارة الأسيوية، وهو موقع استراتيجي يبين أهميتها الجغرافية والاقتصادية.
ثقافيا... تتمتع سمر قند بإرث تاريخي عميق، بدء من احتضانها للعديد من الآثار الإسلامية الممتدة إلى عصور بعيدة، وانتهاء بحالتها العمرانية المعاصرة ذات الطابع الإسلامية، وبالنظر لكثرة القبا فيها وتزيينها بالزخارف الإسلامية ذات اللون الأزرق، مع وفرة للمواقع الأثرية ذات الصبغة الإسلامية العتيقة، كل ذلك جعل منها أشبع ما تشكون بمتحف مفتوح يبوح لزوارها بالكثير من الأسرار الجميلة.
استمدت سمرقند اسمها من الشخصية التاريخية الكبيرة "سمر"، اما كلمة "قند" فتعني مدينة، وبذلك فهي "سمرقند".
تأريخيا... خضعت سمر قند لأنواع كثيرة من الاحتلال بدء من الفرس مرورا باليونانين ومن ثم الصينيين والعرب وانتهاء بالمغول والأتراك.
تعتبر "تيمور" عاصمة سمر قند، نسبة للإمبراطور تيمورلنك، مؤسس إمبراطورية تيمور العظمى.
وتيمور كان مغرما بالثقافة والغمران، حتى أنه أحضر أفضل المعمارين والفنانين والحرفيين من شتى بقاع الأرض من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، لبناء سمرقند بأفضل شكل ممكن، ما جعلها مركز ثقل العالم في تلك المرحلة من التاريخ، لتيمم هذه الرجلة ابنها أولوغ بيك الذي حولها الى مركز علمي عالمي يشار له بالبنان، خصوصا وإنها تقع على أهم أجزاء طريق الحرير.
ونظرا للعمق التاريخي لمدينة سمر قند، فإنها ما زالت تحظى بمكانة واسعة في أشعار ومدائح وروايات الشعراء والكتّاب، وتحافظ على رونقها التاريخي في يومنا الحالي.
إسلاميا... وإلى جانب إرثها التاريخي والثقافي، تتميز "سمر قند" بأنها الموطن الأبرز  والسكن الأطول لعدد كبير من العلماء المسلمين.
تضم مدينة "سمرقند" آثاراً من بقايا عهد التيمور، أبرزها مسجد "بيبي خانوم" الذي يعكس عظمة تلك المرحلة، حيث بُني بين عامي 1399 – 1405 للميلاد.
ومن جهة أخرى، صارت "سمر قند" وجهة للعلماء وطلاب العلم خصوصا بعد أن شيد أولوغ مرصده الفلكي الكبير، وهو ما جعل من مدينة سمر قند عاصمة العلم والمعرفة، وجعل منه أولوغ بيك حاملا للمشعل العلمي في حينه بما عُرف عنه من شغف بعلوم الفلك والرياضيات.
مدينة سمرقند هي ثاني أكبر مدن جمهورية أوزباكستان بعد العاصمة طشقند وجمهورية أوزبكستان تقع في آسيا الوسطى علي الضفة الجنوبية لنهر زرافشان ويعني إسمه بالفارسية ناثر الذهب وكان يسمى سابقا نهر الصغد وهو أحد أنهار آسيا الوسطى ويبدأ من جبال بامير في جمهورية طاجيكستان ويجري غرباً نحو 300 كيلو متر ثم يدخل أوزبكستان ويتحول مجراه نحو الشمال الغربي ليمر من مدينة سمرقند ثم يتحول مجراه نحو الجنوب الغربي ليمر من مدينة بخارى ويتلاشى بعدها بالقرب من مدينة قرة قول دون أن يصل إلى نهر جيحون والذي كان يعتبر سابقا أحد روافده وكانت أوزبكستان في الماضي إحدى الجمهوريات الإسلامية الآسيوية في الإتحاد السوفيتي السابق قبل تفككه وتحدها جمهورية كازاخستان من الشمال ومن الغرب وجمهورية تركمانستان من الجنوب وجمهوريتا قرغيزستان وطاجيكستان من الشرق وكلها جمهوريات إسلامية كانت أيضا ضمن الجمهوريات الإسلامية الآسيوية في الإتحاد السوفيتي السابق وجمهورية أوزبكستان تتصف بأنها جمهورية ذات طبيعة فيدرالية حيث أنها تضم جمهورية قراقل باك كما تضم عدة أقاليم لها حكم ذاتي يبلغ عددها تسعة منها أقاليم لها شهرة عريقة في تاريخ الإسلام منها بخاري وسمرقند وطشقند وخوارزم وقد قدمت هذه الأقاليم علماء أثروا على التراث الإسلامي بجهدهم كان منهم الإمام إبن سينا والخوارزمي والفارابي والبخاري والبيروني والنسائي والزمخشري والترمذي وغيرهم العديد من أعلام التراث الإسلامي واللغة الرسمية لجمهورية أوزبكستان هي الأوزبكية كما أن جميع الشعب يجيد اللغة الروسية وقليل منهم يفهم اللغة الدرية التي يتكلم بها الناس في طاجيكستان وأفغانستان ومعنى كلمة سمرقند هو قلعة الأرض ويقول بعض المؤرخين إن أصل إسم مدينة سمرقند هو شمر أبو كرب ثم تغير الإسم إلى شمركنت وأخيرا أُطلق عليها إسمها الحالي سمرقند وفي الوقت نفسه يرجع البعض منهم الإسم إلى الحاكم التركماني سمر الذي سماها على إسمه وأضيف له قند بمعني السوق في حين يرجح آخرون إن التسمية تعود إلي أصل سنسكريتي هو ساماريا بمعنى الاجتماع أو اللقاء .

وعبر تاريخ إمتد حوالي 2500 عام ظلت سمرقند ملتقى قوافل تجار التوابل والحرير ونقطة لقاء للتبادل التجاري والحضاري ونظرا لموقعها ولجمالها فقد جذبت لها أنظار الغزاة من جميع أنحاء العالم فأرادها الإسكندر الأكبر المقدوني ونصب خيام جنده خارج أسوارها وحاصرها حصارا مريرا حتى تسقط في يده في عام 329 ق.م وما تلبث أن تعلن عصيانها عليه في العام التالي فيعاقبها أشد العقاب ويؤرخ الإغريق للحادث مطلقين عليها إسم مرقندا عاصمة سوجديان وهو إسم أوزبكستان قديما وبعد وفاة الإسكندر حكمها السلجوقيون وشهدت في المدة الممتدة بين القرنين الخامس والسابع للميلاد فترة إتصال تجاري وحضاري مع إيران الساسانية ومع قبائل السهوب الشمالية ومع الإمبراطورية البيزنطية وإعتنق القسم الأكبر من أهلها الزرادشتية ديانة لهم وفي هذه الفترة التاريخية أصبحت سمرقند عاصمة لبلاد ما وراء النهرين ولمدة خمسة قرون وقد سميت أيضا مدينة سمرقند بإسم الياقوتة الراقدة على ضفاف نهر زرافشان وكانت هذه المدينة هي المدينة المنافسة التاريخية لمدينة بخارى التي تقع علي مقربة منها وقد وصفها الجغرافي إبن حوقل في كتاب صورة الأرض قائلا كان الجزء المأهول منها مكونًا من قلعة ومدينة وضاحية ومن قمة القلعة التي تسلقتها يتمتع المرء بمنظر أجمل من أن يوصف أشجار خضراء وحدائق غنَّاء وقصور متألقة وجداول متدفقة المياه ولم تكن هناك بقعة فيها لا تسر العين فأشجار السرو قد شذبت بأشكال غريبة فجاءت على شكل حيوانات من فيلة وجمال وماشية ويا له من منظر يخلب الألباب وقد وصفها الرحالة الشهير إبن بطوطة أيضا عندما زارها عام 1330م بقوله إنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالا وهي مبنية على شاطئ وادٍ يعرف بوادي القصارين وكانت تضم قصورا عظيمة وعمارة تنبئ عن هممِ أهلها .

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م