2018-07-09 2353
السيف في الإسلام... الخيار الاضطراري والحل الأخير
عالمية رسالة الإسلام وإيمانه
بالسلم المجتمعي والسلام والاستقرار العالمي؛ يشكلان أصلا
ثابتا في عقيدته وضرورة من ضروريات خططه في بناء حضارة عالمية نامية
يكون الإسلام أساس عقيدة بنائها ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا
كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)) (سبأ-28)؛ لذلك جاء ذكر المبدأين –
العالمية والسلم - في القرآن الكريم وبآيات عدة منها ((وَإِن
جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) (الأنفال-61) و((يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا
تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ
مُّبِينٌ) (البقرة-208).
كما يلاحظ من الدعوات المتكررة للمؤمنين في الدخول في السلم، أن الإسلام ينهى عن استخدام السيف ـ والسيف هنا رمز القوة والعنف ـ في حل النزاعات؛ وأن العدوان وشن الحروب على المخالفين له بالعقيدة مستهجن ومرفوض عنده إلا في حالة الدفاع عن النفس وعن العقيدة؛ وهذا واضح من خلال توصيفه للحروب العدوانية بأنها إتباع لخطوات الشيطان الذي يريد بث العداوة والبغضاء بين الناس، وبسببها يكون دمار البشرية وحرفها عن مسيرتها الإيمانية السلمية ليشكل ذلك المسار بمجموعه مخالفات وعصيان عظيم لله؛ ينذر بحلول غضبه وإنزال عقابه، من هنا كانت الحروب في الإسلام حالة استثنائية اضطرارية تحتمها الظروف القاهرة التي مر ويمر بها خاصة التي شنت لإيذاء أتباعه وردهم عن دينهم الذي اختاروه.
إن المتغيرات السياسية وما تبعها من حروب على الإسلام بما لا فكاك منه؛ لم يستسهل خوض غمارها والدخول فيها إلا دفاعا عن النفس والعقيدة، فهي ليست من عقيدته التي تنحى منحى سلميا؛ لذلك شدد على أتباعه بشروط عدة في سبيل خوضها؛ حتى جعلها من جانبه مشروطة لا تقوم إلا لرد عدوان أو لمنع سيادة ظلم أو ظالم على البشرية؛ مع شرط كبروي وأن لا يكون هو البادئ بها؛ وهذا يتسق مع عقيدته وإيمانه بالحريات العامة لكل الناس ومنها حرية العقيدة التي لا يؤمن بأن لا أكراع فيها وعلى اعتناقها ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّـهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) (البقرة-256).
لذلك لم يجد داعيا لشن حروبا من أجل نشر عقيدته وقد تجسد ذلك واقعا في حوادث عدة جرت في زمن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله منها وثيقة المدينة المنورة التي تكاتب وتعاهد فيها مع اليهود والنصارى والمشركين المخالفين له بالعقيدة؛ بالمسالمة والموادعة وأن لكل عقيدته التي يؤمن بها دون تدخل من أي طرف في المدينة؛ وعليه لم يجبرهم على اعتناق الإسلام رغم أن الزعامة والسيادة كانت بيده، لا بل زاد على ذلك أن جعل الكل يشتركون في صد أي عدوان قد يحدث عليهم وهذا يدل على سلمية التوجه وحرية المعتقد وعدم جعل السيف فيصلا مقدما في النزاعات العقدية، كذلك صالح مشركي قريش في صلح الحديبية ولم يفرض عليهم الإسلام بقوة السيف بل عقد معهم مصالحة وسلاما حتى دخل مكة بعدها فاتحا دون إراقة قطرة دم، ومن محاسن الإسلام أنه استبدل القهر وقوة السيف بدفع الجزية لمن لا يرغب الدخول في الإسلام، والجزية ضريبة مالية تدفع من المخالفين في العقيدة إلى المسلمين جزاء حمايتهم وحماية شعائرهم، ولم يعفى المسلمين من الضريبة بل يدفعون مقابلها ضريبة الزكاة والقصد من كلا الضريبتين هو التكافل المجتمعي وإدارة مستحقات الدولة.
الشواهد العملية على سلمية الإسلام
1. أكثر القبائل العربية التي دخلت الإسلام دخلته بالإقناع العقلي والموعظة الحسنة دون تدخل للسيف في ذلك وهذه سياسة اتبعها الرسول الكريم صلى الله عليه وآله في الدعوة مسترشدا بقول الله تعالى في كتابه الكريم ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)) (النحل -125)؛ ومن هذه القبائل قبيلتي الأوس والخزرج.
2. دعوة الإسلام للتعارف والمحبة والتوادد بين الناس ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) (الحجرات-13)، ومن المؤكد أن هكذا دعوات لا تنسجم مع القتال والحروب التي أتهم بها باطلا.
3. مما يؤيد أن الحرب حالة استثنائية في الإسلام أن كل حروب الرسول صلى الله عليه وآله والتي تزيد عن ثمانين معركة لم يتعدى القتلى فيها من المسلمين والمشركين الألف.
4. استبدال الإسلام الحرب بدفع الجزية للمسلمين من المخالفين في العقيدة ثمنا لحمايتهم وحماية شعائرهم.
5. اعتبار القتال أمرا دفاعيا مفروضا على المسلمين لرد الظلم ولصيانة الحريات من أيدي العابثين؛ وكان كره لهم وليس أمرا اختياريا مزاجيا ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ .............)) (البقرة-216).
دواعي الحرب في الإسلام
مما يؤكد أن الإسلام هو دين السلام وأنه يدعو الناس لاعتناقه بالتي هي أحسن؛ هو تقييده حالة الحرب بعدة قيود محاولا دفع شبحها بعيدا عن الناس لما لها من آثار كارثية على البشرية وحضارتها؛ وقد شرط لقيام الحرب شروط؛ منها:
1. الدفاع عن الإيمان والمعتقد في حالة شُن عدوان على المسلمين من الظالمين المعتدين ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)) (الحج-39).
2. قتال المفتنين الذين يدفعون الناس بالتحريض على قتال المسلمين من خلال بث الكراهية والأحقاد في نفوسهم والتي تشجعهم على شن العدوان ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّـهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ)) (البقرة-193) ويمنع الإسلام قتالهم إن انتهوا من التحريض والعدوانية.
3. الدفاع عمن يستنجد بالمسلمين ضد الظالمين المعتدين حتى لو لم يكن بينه وبين المسلمين تعاهد وتضامن لرد عدوان ((................وَإِنِ استنصروكم فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) (الأنفال-72).
شروط وضوابط الحرب في الإسلام.
1. ألا يبدأ المسلمون أعدائهم بالقتال أملا في إحلال لغة العقل والسلام ولو في آخر لحظة قبل القتال وقدوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه واله ووصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إذ يقول لعسكره قبل لقاء عدوه في صفين "لا تقاتلوهم حتى يبدؤوكم فإنكم بحمد الله على حجة وترككم إياهم حتى يبدؤوكم حجة أخرى لكم عليهم" ويقول أيضاً لولده الحسن "لا تدعونّ إلى مبارزة".
2. أن يقتصر القتال على من يقاتل المسلمين دون المساس بغيره سواء كان بشرا أو مادة؛ وأن تكون الحرب أخلاقية قدر الإمكان يحضرها الجانب الإنساني؛ حيث أوصى النبي محمد صلى الله عليه وآله سرية من سراياه إذ يقول (لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً ولا متبتلاً في شاهق ولا تحرقوا النخل ولا تغرقوه بالماء ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تحرقوا زرعاً لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه ولا تعقروا البهائم ما يؤكل لحمه إلا ما لا بد لكم من أكله)، كما كتب الإمام علي عليه السلام إلى مالك الأشتر وهو على مقدمته في يوم البصرة (بأن لا يطعن في غير مقبل ولا يقتل مدبراً، ولا يجهز على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن).
3. إجارة غير المسلم وإعطائه الأمان من القتل في حالة الحرب إن قبل الأسر وقد أوصى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بذلك حيث يقول (وأيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله فاتّبعكم، فأخوكم في الدين وإن أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله)، وفي عهد رسول الله إلى علي عليهما السلام؛ قال (وإياك والغدر بعهد الله والإظفار لذمته فإن الله جعل عهده وذمته أماناً أمضاه بين العباد برحمته والصبر على ضيق ترجو انفراجه خير من غدر تخاف تبعاته وسوء عاقبته).
4. نصرة المظلومين والمستضعفين من ظلم الجبابرة الفاسدين ((وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا)) (النساء-75).
كما يلاحظ من الدعوات المتكررة للمؤمنين في الدخول في السلم، أن الإسلام ينهى عن استخدام السيف ـ والسيف هنا رمز القوة والعنف ـ في حل النزاعات؛ وأن العدوان وشن الحروب على المخالفين له بالعقيدة مستهجن ومرفوض عنده إلا في حالة الدفاع عن النفس وعن العقيدة؛ وهذا واضح من خلال توصيفه للحروب العدوانية بأنها إتباع لخطوات الشيطان الذي يريد بث العداوة والبغضاء بين الناس، وبسببها يكون دمار البشرية وحرفها عن مسيرتها الإيمانية السلمية ليشكل ذلك المسار بمجموعه مخالفات وعصيان عظيم لله؛ ينذر بحلول غضبه وإنزال عقابه، من هنا كانت الحروب في الإسلام حالة استثنائية اضطرارية تحتمها الظروف القاهرة التي مر ويمر بها خاصة التي شنت لإيذاء أتباعه وردهم عن دينهم الذي اختاروه.
إن المتغيرات السياسية وما تبعها من حروب على الإسلام بما لا فكاك منه؛ لم يستسهل خوض غمارها والدخول فيها إلا دفاعا عن النفس والعقيدة، فهي ليست من عقيدته التي تنحى منحى سلميا؛ لذلك شدد على أتباعه بشروط عدة في سبيل خوضها؛ حتى جعلها من جانبه مشروطة لا تقوم إلا لرد عدوان أو لمنع سيادة ظلم أو ظالم على البشرية؛ مع شرط كبروي وأن لا يكون هو البادئ بها؛ وهذا يتسق مع عقيدته وإيمانه بالحريات العامة لكل الناس ومنها حرية العقيدة التي لا يؤمن بأن لا أكراع فيها وعلى اعتناقها ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّـهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) (البقرة-256).
لذلك لم يجد داعيا لشن حروبا من أجل نشر عقيدته وقد تجسد ذلك واقعا في حوادث عدة جرت في زمن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله منها وثيقة المدينة المنورة التي تكاتب وتعاهد فيها مع اليهود والنصارى والمشركين المخالفين له بالعقيدة؛ بالمسالمة والموادعة وأن لكل عقيدته التي يؤمن بها دون تدخل من أي طرف في المدينة؛ وعليه لم يجبرهم على اعتناق الإسلام رغم أن الزعامة والسيادة كانت بيده، لا بل زاد على ذلك أن جعل الكل يشتركون في صد أي عدوان قد يحدث عليهم وهذا يدل على سلمية التوجه وحرية المعتقد وعدم جعل السيف فيصلا مقدما في النزاعات العقدية، كذلك صالح مشركي قريش في صلح الحديبية ولم يفرض عليهم الإسلام بقوة السيف بل عقد معهم مصالحة وسلاما حتى دخل مكة بعدها فاتحا دون إراقة قطرة دم، ومن محاسن الإسلام أنه استبدل القهر وقوة السيف بدفع الجزية لمن لا يرغب الدخول في الإسلام، والجزية ضريبة مالية تدفع من المخالفين في العقيدة إلى المسلمين جزاء حمايتهم وحماية شعائرهم، ولم يعفى المسلمين من الضريبة بل يدفعون مقابلها ضريبة الزكاة والقصد من كلا الضريبتين هو التكافل المجتمعي وإدارة مستحقات الدولة.
الشواهد العملية على سلمية الإسلام
1. أكثر القبائل العربية التي دخلت الإسلام دخلته بالإقناع العقلي والموعظة الحسنة دون تدخل للسيف في ذلك وهذه سياسة اتبعها الرسول الكريم صلى الله عليه وآله في الدعوة مسترشدا بقول الله تعالى في كتابه الكريم ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)) (النحل -125)؛ ومن هذه القبائل قبيلتي الأوس والخزرج.
2. دعوة الإسلام للتعارف والمحبة والتوادد بين الناس ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) (الحجرات-13)، ومن المؤكد أن هكذا دعوات لا تنسجم مع القتال والحروب التي أتهم بها باطلا.
3. مما يؤيد أن الحرب حالة استثنائية في الإسلام أن كل حروب الرسول صلى الله عليه وآله والتي تزيد عن ثمانين معركة لم يتعدى القتلى فيها من المسلمين والمشركين الألف.
4. استبدال الإسلام الحرب بدفع الجزية للمسلمين من المخالفين في العقيدة ثمنا لحمايتهم وحماية شعائرهم.
5. اعتبار القتال أمرا دفاعيا مفروضا على المسلمين لرد الظلم ولصيانة الحريات من أيدي العابثين؛ وكان كره لهم وليس أمرا اختياريا مزاجيا ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ .............)) (البقرة-216).
دواعي الحرب في الإسلام
مما يؤكد أن الإسلام هو دين السلام وأنه يدعو الناس لاعتناقه بالتي هي أحسن؛ هو تقييده حالة الحرب بعدة قيود محاولا دفع شبحها بعيدا عن الناس لما لها من آثار كارثية على البشرية وحضارتها؛ وقد شرط لقيام الحرب شروط؛ منها:
1. الدفاع عن الإيمان والمعتقد في حالة شُن عدوان على المسلمين من الظالمين المعتدين ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)) (الحج-39).
2. قتال المفتنين الذين يدفعون الناس بالتحريض على قتال المسلمين من خلال بث الكراهية والأحقاد في نفوسهم والتي تشجعهم على شن العدوان ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّـهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ)) (البقرة-193) ويمنع الإسلام قتالهم إن انتهوا من التحريض والعدوانية.
3. الدفاع عمن يستنجد بالمسلمين ضد الظالمين المعتدين حتى لو لم يكن بينه وبين المسلمين تعاهد وتضامن لرد عدوان ((................وَإِنِ استنصروكم فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) (الأنفال-72).
شروط وضوابط الحرب في الإسلام.
1. ألا يبدأ المسلمون أعدائهم بالقتال أملا في إحلال لغة العقل والسلام ولو في آخر لحظة قبل القتال وقدوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه واله ووصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إذ يقول لعسكره قبل لقاء عدوه في صفين "لا تقاتلوهم حتى يبدؤوكم فإنكم بحمد الله على حجة وترككم إياهم حتى يبدؤوكم حجة أخرى لكم عليهم" ويقول أيضاً لولده الحسن "لا تدعونّ إلى مبارزة".
2. أن يقتصر القتال على من يقاتل المسلمين دون المساس بغيره سواء كان بشرا أو مادة؛ وأن تكون الحرب أخلاقية قدر الإمكان يحضرها الجانب الإنساني؛ حيث أوصى النبي محمد صلى الله عليه وآله سرية من سراياه إذ يقول (لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً ولا متبتلاً في شاهق ولا تحرقوا النخل ولا تغرقوه بالماء ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تحرقوا زرعاً لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه ولا تعقروا البهائم ما يؤكل لحمه إلا ما لا بد لكم من أكله)، كما كتب الإمام علي عليه السلام إلى مالك الأشتر وهو على مقدمته في يوم البصرة (بأن لا يطعن في غير مقبل ولا يقتل مدبراً، ولا يجهز على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن).
3. إجارة غير المسلم وإعطائه الأمان من القتل في حالة الحرب إن قبل الأسر وقد أوصى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بذلك حيث يقول (وأيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله فاتّبعكم، فأخوكم في الدين وإن أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله)، وفي عهد رسول الله إلى علي عليهما السلام؛ قال (وإياك والغدر بعهد الله والإظفار لذمته فإن الله جعل عهده وذمته أماناً أمضاه بين العباد برحمته والصبر على ضيق ترجو انفراجه خير من غدر تخاف تبعاته وسوء عاقبته).
4. نصرة المظلومين والمستضعفين من ظلم الجبابرة الفاسدين ((وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا)) (النساء-75).
الأكثر قراءة
25251
18631
13756
10611