2 جمادي الثاني 1446 هـ   4 كانون الأول 2024 مـ 11:24 صباحاً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

2021-04-22   1400

المهدية.. خدّا البحر الأبيض وجبهته

مدينة المهدية هي مدينة ساحلية تقع على بُعد (200) كلم جنوب العاصمة تونس، وهي عاصمة ولاية المهدية، ذات (56046 ) نسمة.
تأريخا؛ أقيمت مدينة المهدية على شبه جزيرة تبلغ (1400 ) متر طولا و (500) متر عرضا, و تضمّ ميناء من أوّل و أهم مواني الصيد البحري بالبلاد التونسية.
وتحتلّ السياحة كذلك مكانة هامة في الاقتصاد المحلّي، وتُعدّ كذلك المهدية قطبا جامعيا خاصة بعد تركيز المعهد الأعلى للاقتصاد و التصرّف سنة 1999.
وتمتدّ مدينة المهدية الجديدة خارج أسوار المدينة العتيقة في اتجاه أحياء هيبون والزهراء.

موقع المدينة
تقع مدينة المهدية حاليا في الطّرف الشرقي للجمهورية التونسية, يحيط بها البحر الأبيض المتوسط من ثلاث جهات، وتتّصل بالقارة الإفريقية من جهة الغرب.
وباعتبار امتدادها داخل المتوسط في شكل شبه جزيرة, فإنّ إمكانية توسعة المدينة لا يكون إلا من جهة الغرب.
وبالنظر إلى الصورة الجوية للمدينة يتبيّن لنا فسيفساء الألوان والمشاهد التي تتغيّر من مكان إلى آخر، خصوصا وأنها منطقة شمالية متطورة جدا باعتبار استغلال المساحات المتاحة، منطقة جنوبية غير مستغلّة كما ينبغي وتُشبّه مدينة المهدية بطائر ذي جناح واحد باعتبار أن جناحه الثاني لم ينْمُ بالشكل المطلوب.

تاريخ المدينة
إنّ الوضعية الجغرافية الاستراتيجية للمهدية مكنت المدينة – التي كانت تُعرف باسم جمّة , أفروديزيوم و راس إفريقيا – من لعب دور أول على جميع الأصعدة في البحر الأبيض المتوسط حتى بدايات القرن السادس عشر .
وتعتبر مدينة المهدية موطئا فينيقيا ثم رومانيا تحت اسم أفروديزيوم، وحطام سفينة المهدية الذي يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد والتي كانت محمّلة بعديد التحف الأثينية (نسبة إلى أثينا) والتي تمّ العثور عليها في القرن العشرين في حوالي سنة 1907 على بعد 6 كلم قبالة سواحل المهدية و التي أصبح موقعا من  أهمّ المواقع التاريخية المغمورة بالمياه بالبلاد التونسية.
عرفت المدينة سنة 906 م تنصيب أول خليفة فاطمي “عبيد الله المهدي ” الذي أمر بتأسيس المهدية ـ و قد امتدّ تأسيس المدينة زهاء الخمس سنوات, و أسند لها اسمه، وهكذا أصبحت المدينة عاصمة الخلافة الفاطمية سنة 921 م, وتواصلت إلى سنة 923 تاريخ انتقال الخليفة الفاطمي إلى القاهرة.
بعد حصار دام ثمانية أشهر ( 944 م – 945 م ) من طرف الخوارج تحت إمرة قائدهم أبو يزيد , صمدت المدينة و في سنة 1057 , لجأ الزيريون إليها هربا من الزحف الهلالي.
وفي سنة 1806 م – 1807 م و لمواجهة هجمات قراصنة المنطقة و خاصة تلك التي كانت تحت قيادة القائد الزيري تميم (1062 م – 1108 م ). 
استولت أهم المدن التجارية لشمال حوض المتوسط وخاصة جنوة وبيزا وامالفي وصالرنو وقايتا على المدينة, وكان الهجوم الذي قاده هيق ملك بيزا بإعانة من روما وتواطؤ من بانتاليون من أمالفي مدعوما من ماتيلد ملكة توسكانا. 
وبالرغم من الاستيلاء عليها من قبل الإيطاليين لكنهم في المقابل لم يتمكنوا من الحفاظ عليها، واستعملت كل الأموال المنهوبة من المهدية في تشييد كاتدرائية بيزا وفي بناء كنيسة جديدة بها.
وكان المؤرخ كارل أدرمان المختص في تاريخ الحروب الصليبية يعتبر هذا الغزو بمثتبة إشارة انطلاق الحرب الصليبية الأولى التي انطلقت فعليا بعد ثمان سنوات و التي كانت تحت إمرة القديس بيار في مواجهة الأمراء المسلمين.
استولى الملك النورماني روجي الثاني, ملك صقلية على المدينة سنة 1148 م وبقي بها حتى سنة 1160, تاريخ سقوط المدينة في يد الموحّدين.
وهكذا فقدت المدينة أهميتها السياسية لفائدة مدينة تونس, ولكنها حافظت على مكانتها كأهمّ ميناء .
وفي سنة 1390 م , وبعد تراجع أهميتها التجارية بالبلاد التونسية لفائدة مدينة البندقية الايطالية, نظمت مدينة جنوة بعثة عسكرية في شكل حرب صليبية للانتقام من حركة القرصنة ضد المسيحيين، وهكذا تلقّت المدينة دعما من رجال الدين الفرنسيين والانكليز منهم لويس الثاني ملك بوربون الذي تولى القيادة بالمدينة بدعم من بربر المغرب العربي من جهات بوجي وبون وقسنطينة وعديد المناطق الأخرى الذين قدموا لنجدة التونسيين.
وهكذا تمكنت المدينة من الصمود في وجه هذه الهجمات مما اضطر الأوروبيين قليلي الذكاء إلى العودة من حيث أتوا بعد 61 يوما من المعارك غير المجدية.
استولى القرصان درغوث على مدينة المهدية في القرن 16 والذي جعل منها رمزا لحكمه، واستولى شارلكان سنة 1550 على المدينة, و بقي الاسبان بها إلى حدود 1554 م ، وبمغادرتهم دمّر الإسبان حصون المدينة بالكامل والتي لو يتولّ العثمانيون بناءها إلا جزئيا بعد عودتهم، وهكذا بدأت المدينة تجد هدوءها وسكينتها و تصبح أحد أهم مواني الصيد البحري بالبلاد التونسية.
وتحتوي المدينة على بعض المعالم و المواقع المهمة:
ـ السقيفة الكحلاء أو باب زويلة : وهي احد أهم أبواب المدينة المحصّنة, بنيت في حوالي القرن العاشر ميلادي بين سنوات 916 و 921 م ، وقد تم ترميمها في القرن 16 , وتعتبر أهم نقطة دخول للمدينة العتيقة وأحد أهم المعالم التاريخية بها.
ـ البرج الكبير : وهو عبارة عن حصن به ممر يؤدي مباشرة إلى ساحة وسطه والذي يعود بناؤه إلى سنة 1595 م و يؤشّر لمنطقة رأس إفريقيا.
ـ الجامع الكبير : تم بناؤه سنة 916 م من طرف الخليفة الشيعي عبيد الله المهدي، ويتميز هذا الجامع بغياب صومعة، وقد شهد الجامع عديد التغييرات والتجديد ليقع إعادة بنائه سنة 1961 ثم 1965 طبقا لتصاميم القرن العاشر ميلادي.
ـ جامع الحاج مصطفى حمزة: وقع بناؤه سنة 1772 وتهيئته في أواسط القرن العشرين, ويمثل نموذجا للمعمار الديني للحقبة العثمانية.

وتُعرف المهدية كذلك بمقبرتها البحرية التي تُطلّ على المتوسط في الطرف الشرقي لشبه الجزيرة.

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م