2 جمادي الاول 1447 هـ   24 تشرين الأول 2025 مـ 1:17 مساءً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

 | قصص قرآنية |  "خلق حواء من ضلع آدم"!
2025-09-20   180

"خلق حواء من ضلع آدم"!

السيد علي العزام الحسيني

 

هذا اللفظ ورد في أحاديث المسلمين: سنة وشيعة، بفارق أنّ أهل السنة والجماعة يكاد يتفقون عليه رواية ورأيًا، بينما الأمر مختلف تمامًا في مذهب أهل البيت عليهم السلام، ذلك أنّ الروايات الواردة إلينا عنهم عليهم السلام مختلفة في هذا الموضوع، وهي على كثرتها يمكن تصنيفها إلى صنفين:

 

فصنفٌ من أحاديث أهل البيت عليهم السلام تؤيد ما عليه أهل السنة، من كون حواء قد خُلقتْ من ضلع آدم، منها على سبيل المثال ما جاء عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: إنّ الله تبارك وتعالى خلق آدم من الماء العذب، وخلق زوجته من سنخه، فبرأها من أسفل أضلاعه، فجرى بذلك الضلع سببٌ ونسب..(الكافي، ج10، ص881).

 

ويقابلها صنف آخر ينفي ذلك، ويرفضه أشدّ الرفض، من قبيل ما رواه الصدوق في العلل والفقيه عن زرارة، قال: سُئل أبو عبد الله الصادق(عليه السلام)..:إنَّ أُناسًا عندنا يقولون: إنَّ الله عزَّ وجل خلَقَ حوَّاء من ضلع آدم الأيسر الأقصى، فقال (ع): "سبحان الله وتعالى عن ذلك علوَّا كبيرا! أيقولُ مَن يقول هذا: إنَّ الله تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلقُ لآدم زوجةً من غير ضلعه، وجعل للمتكلِّم من أهل التشنيع سبيلًا إلى الكلام؟! يقول: إنَّ آدم كان ينكحُ بعضُه بعضًا، إذا كانت من ضلعه، ما لهؤلاء؟!!.."،(من لا يحضره الفقيه 3- 379).

إذن، فنحن أمام صورة واضحة من صور الاختلاف والتعارض بين الأخبار في هذا المجال، فما الحل؟! وكيف نجمع بين هذه الأخبار؟!

 

قال الشيخ يوسف البحراني(ت1186هـ): الجمع بين هذه الأخبار محتمل بأحد وجهين: أحدهما- حمل ما تدلّ على أنّه خُلقت من ضلعه على التقية؛ لما عرفت من نسبة القول بذلك إلى العامة، وتشديدهم في إنكاره(أي تشديد أهل البيت، وتأكيدهم على إنكار كون حواء خُلقتْ من ضلع آدم)..وثانيهما- أنّ المراد بخلقها من ضلعه الأيسر يعنى: من طينة ضلعه الأيسر، كما صرّح به الخبر الأخير، وأُجمل في غيره من الأخبار: بأنّها خُلقتْ من فضل طينته.

 

فمعنى قولهم: إنّ حواء خُلقتْ من آدم أو من ضلعه، ليس على ما يتبادر في الظاهر كما فهمه العامة و قالوا به، بل المراد إنّما هو باعتبار الطينة، وحينئذ، فالتكذيب للعامة إنّما هو فيما فهموه من الخبر وحملوه عليه..(الحدائق الناضرة، ج23، ص7)

 

والخلاصة: إنّ الحديث المروي عن النبي(صلى الله عليه وآله) في خلق حواء من ضلع آدم على فرض صدوره؛ فهو مفسَّر في روايات أهل البيت (عليهم السلام) بخلق حواء من بقية الطينة التي صنع منها جسد آدم عليه السلام.

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م