| الاقتصاد الإسلامي | مبدأ تدوير الأموال في الإسلام... كي لا يكون دولة بين الأغنياء
مبدأ تدوير الأموال في الإسلام... كي لا يكون دولة بين الأغنياء
تعتمد البلاد التي تحكمها الحكومة الإسلامية، على موارد عدة، لبناء
موازنتها، وربما صناعة دومينها العام، ومن ذلك الضرائب (كالأموال
الشرعية من زكاة وخمس وغير ذلك)، والأنفال (العقارات والأموال)، فضلا
عن نشاطها الاقتصادي والتجاري والزراعي، وأخيرا مالها المتحصل من
ولايتها العامة على جمهور المسلمين كالفيء ومآلات الأموال التي ليس
لها مآل غير الدولة، كميراث من ليس له وارث.
ما يهمنا من كل ذلك، هو الفلسفة الإسلامية في تدوير الأموال وعدم
تكدسها في مورد واحد، وهذا واحد من مجموع مقاصد الضريبة الإسلامية
(الخمس والزكاة) بل والجزية (العقوبات المالية على المخالفين لنظمها
وقوانينها)، فبالإضافة الى مقصدها في تهيئة المال الكافي لتسيير
مرافقها العامة ومنها الجيش والخدمات الضرورية كالمشافي والمؤن ودور
العلم، وكل ما لا يمكن للأفراد تحقيقه دونها، فأن ثمة فلسفة أخرى
يستبطنها التشريع القاضي بوجود هذه الضريبة (على المستطيع لها وفقا
للضوابط الشرعية)، الا وهي امتصاص الثروات الفائضة عن حاجة الأغنياء
(ممن تجب عليهم هذه الضرائب)، وتدويرها لصالح الطبقة الكادحة والفقيرة
من الناس، وربما احيلت الى الفوائد العامة كإنشاء المرافق والمباني
والمنشآت التي تخدم عامة الجمهور، وبذلك فأن الإسلام يؤسس الى اقتصاد
ديناميكي متوازن يضمن من خلاله تدوير الأموال وتوزيعها بشكل عادل
يُشّكل بمجمله حصانة اجتماعية لكل الطبقات في المجتمع، وهو ما يمنع
بالضرورة تكدس الأموال عند فئة وانعدامها عند أخرى بما يصطلح عليه
اليوم بالتضخم المالي، وهو ما يؤكده القرآن الكريم من خلال قاعدته
الاقتصادية ((مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ
القرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القربى واليتامى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ
الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ
شَدِيدُ الْعِقَابِ))(الحشر ـــ7).