| السياسة في الإسلام | الإسلام ونسخته المشوهة.. الحلقة الثانية
الإسلام ونسخته المشوهة.. الحلقة الثانية
كان الانحراف الكلي الذي انحرفت
به النسخة الثانية عن الإسلام المحمدي الاصيل الى الاموي المنحرف
، جعل النسخة الثانية من الاسلام المزيف وبتوالي القرون ، ومع
استحداث المدارس المذهبية الاسلامية ، استطاعت هذه
النسخة المزيفة من التغلغل في ادبيات المسلمين من خلال وعاظ
السلاطين والكتاب الماجورين فترسخت هذه النسخة كعملة مزيفة أمام
الرأي العام الدولي وحتى أمام الكثير من المسلمين المغلوب
على امرهم وعقولهم والمغرر بهم فترسخت فكرة الاسلام كدين
عالمي واممي لم يأتِ بنسخة غير هذه .
إما النسخة المحمدية الاصيلة فكاد
يصيبها الاندثار والضمور والضياع وهذه الحقائق غائبة عن الكثير من
المسلمين انفسهم ؛ فضلا عن اتباع الديانات الاخرى ؛ الذين صاروا
ينظرون الى الاسلام بعين اموية فهو اسلام الفتوحات والاعتداءات
والسرقات للثروات والبطش والقتل والشره الجنسي بكافة انواعه ،
وليس اسلام النقاء والمسامحة واحترام دماء وارواح واعراض
الاخرين وهي القيم التي ارساها الاسلام المحمدي الاصيل من
خلال أمناءه الصادقين ، النبي الأكرم صلوات الله تعالى عليه وآله
ومن خلاله آل بيته الطيبين الطاهرين .
والخلاصة : في ظاهر الامر ، يبدو
للرأي العام العالمي أن هنالك اسلاما واحدا بنسخة عالمية له
( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا
اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا
جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ
اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) (سورة آل عمران ـ
19 ) ، بقصته المعروفة في كتب السيرة المعتمدة بزمنكياتها وشخوصها
التي لا تخلو من التقديس عند جمع المسلمين ، ولكن وفي الباطن
هنالك أكثر من اسلام على الساحة الزمنكانية والتاريخية : الاول
الاسلام المحمدي / العلوي الاصيل وهو الاسلام الحنيف
الحقيقي بدون رتوش ومكملات تزويقية في عيون الغرب الذي انخدع بهذه
الصورة ، والذي غاب عن اغلب المستشرقين في نقل الصورة الحقيقية
للإسلام لكنهم نقلوا الصورة أخرى له وهي المزيفة الذي تكاتفت جميع
الدول التي أتت بعد العهد الراشدي على تنميطه وتوظيفه واخراجه على
إنه هو الاسلام الحقيقي ولا مندوحة عنه ، فكانت أكبر خداع وتضليل
ايديولوجي في التاريخ وسرقة كبرى لجهود النبي العظيم محمد صلوات
الله تعالى عليه وآله ، واستغفال الاخرين بذلك وما الممارسات اللا
مسؤولة التي يمارسها الكثير من المسلمين انطلاقا من نظرية
النسخة الثانية للإسلام على انه هو الاسلام الاصيل ؛ ما هي الاّ
اسقاطات بسيطة لما تقدّم وهي التي أدت الى انحراف قناعة العالم
بالإسلام كدين عالمي ومن أهم الاديان السماوية التي انزلت
للبشر .
ما أدى الى نشوء ما يسمى بالإسلام
فوبيا مع أزدياد الكره والعداء لفكرة الاسلام اساسا سواء المحمدي
منه أو الاموي مع عدم تقبّل المسلمين في اي مكان يقطنون فيه
يقابله انتشار حالة الالحاد في اوساط المسلمين انفسهم ، لان
فكرة الاسلام التي وصلت اليهم لا تختلف عن فكرة
الغزاة الفايكنج الذين تحتفظ الذاكرة الجمعية الاوربية بذكريات
مؤلمة تدل على التوحش واراقة الدماء والغزو والاعتداء على
الارواح والممتلكات والاعراض وساهم المستشرقون في توصيل هذه
الفكرة الشوهاء للعرب المسلمين والقريبة من الفايكنج
المتوحشين فانطبعت في المخيال الغربي تلك الصورة النمطية عن
الاسلام والقريبة في المحتوى من توّحش الفايكنج
.
ولإبعاد هذه الصورة
النمطية عن الاسلام ؛ كان يجب مراجعة المراجع
والمصادر والحقائق التي تقود الى الاسلام المحمدي الاصيل ؛
اسلام محمد وعلي صلوات الله تعالى وسلامه عليهما فقط ؛ وهي كثيرة
لمن يبحث عنها ونبذ ما عداه والتمعن في محتواها الذي
يشير الى حقائق دامغة عن هوية الاسلام الحقيقي الاصيل وتمييزه عن
الاسلام الآخر ، وعدم الاقتصار على البحث على ما متوفر من مصادر
تشير الى جهة دون اخرى فمجرد البحث الدقيق ستظهر الحقيقة الجلية
كعين الشمس في رابعة النهار ؛ ليس للغرب فحسب ، بل وللمسلمين
المغرر بهم ايضا ؛ الذين عاشوا حوالي اربعة عشر قرنا من الزمان في
ظل التنميط الممنهج الذي مورس من قبل الحكام والولاة ( السلطة
الحاكمة ) الاموية وما تلاها لتزييف التاريخ الاسلامي
على مداه الطويل والذي شهد حربا شرسة جدا ضد نسخة الإسلام الأصيل
المتمثل بالتشيع ومحاربة ائمة الشيعة الكبار وهم اثنا عشرا إماما
، فضلا عن عشيرة النبي واساطين هذا المذهب وعلمائهم ، ومحو
تاريخهم واثارهم ومصنفاتهم وطمس مدارسهم ؛ وكل ما يتعلق بهم
وما يتصل بالتشيع وبهوية الاسلام المحمدي الاصيل بصلة
.
فالتشيع يحمل المظلومية
الاسلامية الكبرى في التاريخ ، ومن يتتبع المصادر يجد انها
كانت حرب شعواء ابتدأت منذ بداية العهد الاموي الى
اليوم مرورا بالدول الامارات الاسلامية المتتابعة وصولا الى
كتابة هذه الاسطر وفي جميع انحاء العالم وشملت كل شيء
ابتداء من الاتهامات الباطلة والتسقيطات التي تنمّ عن حقد
دفين للهوية الاسلامية الاصيلة منذ عهد الرسالة الذي استمر مع
حياة الائمة الاثني عشر المعصومين والى الان ؛ بوجود المرجعيات
الدينية لدى الشيعة الامامية كما شهد استمرار الهجمة الشرسة
على التشيع الحامل للواء الاسلام المحمدي الاصيل على يد الوهابية
وتوابعها وشهد التشيع ذات الحرب مع الخوارج وتوابعهم في النصف
الثاني من القرن الهجري الاول ، فالتاريخ يعيد نفسه
.
ظافرة عبد
الواحد