| محمد (صلى الله عليه وأله) النبي | أدوار وأطوار الدعوة المحمدية
أدوار وأطوار الدعوة المحمدية
دعوته في
مكة
في مكة، كانت البداية مع أهله،
فأول من دعاه إلى هذه الرسالة زوجته خديجة بنت خويلد عليه السلام
والتي سرعان ما استجابت لأنها على علم مسبق ومنذ اللحظة الأولى
لاقترانها بمحمد صلى الله عليه وآله إنها ستكون زوجة لنبي مرسل،
مضافاً إلى ذلك كله إنها عاشت معه سنوات طويلة وهي تعرف جيداً
خلقه وصدقه واندماجه الروحي بالسماء.
ثم توجه النبي صلى الله عليه وآله
إلى دعوة ابن عمه وربيبه علي بن أبي طالب عليه السلام الذي لم
تلوثه عبادة الأوثان أو الشرك للحظة واحدة، ولم يكن منه عليه
السلام إلا التصديق بالنبي ليكون بذلك أول القوم إسلاماً وتصديقاً
لرسول الله صلى الله عليه وآله.
وتكمن اهمية وجود علي بن أبي طالب
عليه السلام مع النبي في أنه كان يتميز بالطاعة والانقياد، وكذلك
الشجاعة والاندفاع، وهو أكثر ما كان يحتاجه النبي والدعوة
الإسلامية في تلك المرحلة.
لقد كان كل من خديجة وعلي عليه
السلام أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وآله وكانا يشاركانه
الذهاب إلى غار حراء، ثم اكتملت النواة الأولى لهذا التجمع
بالتحاق زيد بن حارثة رضوان الله تعالى عليه.
في هذه المرحلة من الدعوة اعتمد
النبي صلى الله عليه وآله اسلوب التخفي في العبادة والتواصل مع
المؤمنين بهذه الرسالة، وكثيراً ما تعرض الذين آمنوا بها في بداية
الأمر لصدامات فردية مع الكفار والمشركين من قريش.
وبعد أن وصلت النواة الأولى التي
أسسها النبي صلى الله عليه وآله إلى مستوى يؤهلها لخوض الصراع
المنتظر، جاءت مرحلة الإعلان عن هذه الرسالة، وكان منطلقها من
الأمر الإلهي ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)) ﴿الشعراء
- ٢١٤﴾.
ومن هنا دعا النبي صلى الله عليه
وآله عشيرته التي كانت تراعي كثيراً الاعتبارات القبلية وعدم تخطي
كبار القوم والخروج عن قوانينهم آنذاك، وكانت دعوة النبي صريحة
بهدم كل ما بني على باطل وظلم في مجتمع جاهلي، ومن الطبيعي جداً
أن تواجه هذه الدعوة في بدايتها الرفض، وكان أول من أعلن رفضه
ومعاداته للنبي صلى الله عليه وآله ولرسالته هو أبو لهب (عم
النبي).
كيف تمت الدعوة؟
وفي تفاصيل إعلان هذه الدعوة،
تتحدث الروايات عن أنه لما جاء الأمر بأن تتحول الدعوة من السرية
إلى العلنية؛ أمر النبي صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه
السلام بالتحضير لوليمة يجتمع عليها رجال عشيرته وكبارهم، وهذا ما
حدث فعلا، إذ تشير الروايات إلى أن نحو اربعين رجلاً حضروا تلك
الوليمة لمعرفة ما يحمله لهم محمد صلى الله عليه وآله من أخبار،
سيما وأنهم كانوا يصفونه بـ "الصادق الأمين".
لكن عصبيات الجاهلية حالت دون
تصديق ما جاءهم به هذه المرة، فما أن بدأ بالحديث حتى قاطعه أبو
لهب محذراً إياه من الاستمرار في هذه الدعوة وانفض المجلس دون
تحقيق الهدف.
في اليوم التالي، جدد النبي صلى
الله عليه وآله الأمر لعلي بإعداد وليمة أخرى، ودعا رجال عشيرته
إليها، وما أن فرغوا من طعامهم حتى قال لهم: "يا بني عبد المطلب
إني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به،
إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله عز وجل أن أدعوكم
إليه فأيّكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي
ووصيي وخليفتي فيكم؟".
فسكت الجميع إلا علي بن أبي طالب
عليه السلام الذي نهض وقال: "أنا يا رسول الله أكون وزيرك على ما
بعثك الله"، لكن النبي صلى الله عليه وآله أمره بالجلوس ليكرر
الدعوة مرة أخرى فلم يجبه أحد مرة أخرى غير علي بن أبي طالب، وما
أن رأى إصراره الشديد حتى التفت إلى الحاضرين وقال لهم: " إن هذا
أخي ووصيي وخليفتي فيكم (أو عليكم) فاسمعوا له وأطيعوا"، فما كان
من قومه إلا أن نهضوا من المجلس ساخرين، وخاطبوا أبو طالب: "قد
أمرك أن تسمع لابنك وتطيع".
زيد خلف