التوحيد
التوحيد لغة، هو جعل الشيء واحد غير متعدد، والواحد هو المتباين الذي لا ينبعث من شيء ولا يتّحدُ بشيء، وهذا لا يكون الا بنفي واثبات، يعني نفي الثاني من الوجود ثم إثبات الأول كواحد لا ثاني له، كشهادة لا إله الا الله، (لا إله) نفي و(الا الله) اثبات، اي إننا نثبت وجوده بنفي ما عداه.
عرفنا فيما سبق أن هناك شعورا فطريا لدى الانسان بوجود قوة عظيمة في الكون يستشعرها بين الحين والأخر، خاصة في ساعة حاجته أو محنته، يحتاج اليها لدعم ضعفه وتأمين حمايته، فدأب على استحضارها، ليجدها تارة بالشمس أو الكواكب أو النار، وأخرى في صنم يصنعه بيده، ليعبده او بقرة يتقرب منها، أو غير ذلك، معتقدا أن هذا المعبود قادر على أن يوفر له الحماية والدعم والامان الذي يحتاجه ويبعد عنه الارواح الشريرة والكوارث والامراض، وراح يغدق عليه بالهبات والعطايا والنذور ليحظى منه بالرضا والقبول.
هذا إذا لم يكن قد بلغه دين أو رسالة سماوية تهديه الى جادة الحق والصواب، وتبين له أن هنالك خالق عظيم لهذا الكون العملاق، غابت عنه معرفته؛ الا وهو الله جل جلاله، عندها يتوجب عليه أن يعرف من هو الله؟
ومما لا شك فيه أن التوحيد ونبذ الشرك، من أهم المسائل العقائدية التي تصدرت التعاليم والمفاهيم السماوية على الاطلاق، إذ يُعّد التوحيد أساسا لسائر المعارف الإلهية التي جاء بها جميع الانبياء والمرسلون في كتبهم وأحاديثهم.
إذا... التوحيد هو أعظم قضية تواجه الانسان في حياته، إذ يتوجب عليه معرفة الله سبحانه، لأنه السبيل الوحيد الذي يقوده الى النجاة والسعادة في الدارين، والتوحيد من الضرورات الكبرى لأي دين سماوي لأنّه الأصل الأول من أصول أي دين، والأولوية الأهم التي تُبنى على أساسها الديانات السماوية.