19 جمادي الاول 1446 هـ   21 تشرين الثاني 2024 مـ 11:42 صباحاً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

 | لماذا الدين الإسلامي؟ |  الدين كدافع للمعرفة .. تفكيك التصور الوضعي للعلم
2024-11-12   160

الدين كدافع للمعرفة .. تفكيك التصور الوضعي للعلم

مدخل: الدين ودوره في بناء الحضارات

الشيخ معتصم السيد أحمد: لطالما كان الدين عنصراً محورياً في تشكيل الهويات الحضارية الإنسانية، حيث لعب دوراً جوهرياً في تقديم إطار أخلاقي وروحاني للأفراد والمجتمعات، ولم يقتصر دوره على هذا الجانب فقط، بل امتد ليكون أساساً قوياً في دعم مسارات المعرفة العلمية. ففي الحضارة الإسلامية، على سبيل المثال، عاش العلماء فترات مثالية من الانصهار بين الدين والعلم، حيث كان يُنظر للبحث العلمي كوسيلة لفهم عظمة الخلق الإلهي، وتجلّي قدرة الله في الكون. هذا التكامل بين الإيمان والعقل، أفرز ازدهاراً في مجالات متعددة مثل الطب، الفلك، الرياضيات، والفلسفة، مما يعكس تفاعلاً ثرياً بين العقيدة الدينية ورغبة الإنسان في توسيع آفاق المعرفة.

لقد كانت تلك الحضارة في مهدها تكاملية، إذ لم تكن العلوم قيداً أو خصماً للدين، بل كانت أداة لفهمه ووسيلة لرؤية تجليات الإبداع الإلهي. وكان علماء مثل جابر بن حيان، والخوارزمي، و ابن سينا، والفارابي، وغيرهم من المفكرين الإسلاميّين، يرون أن العلم يفتح أمام الإنسان أبواباً جديدة للتقرب إلى الله وفهم النظام الكوني الذي أوجده. هذه العلاقة الوثيقة جعلت من العلم والعقل في الحضارة الإسلامية أدوات معرفية تُسهم في بناء أمة متقدمة علميّاً، وثرية ثقافيّاً، فكانت الحضارة الإسلامية منارة للإلهام العلمي في تلك الحقبة.

في المقابل، تطور التصور الديني في أوروبا في مسار مختلف تماماً، خصوصاً مع بداية عصر النهضة، الذي شهد تحولات جذرية في الفكر الأوروبي. ففي الوقت الذي كانت الكنيسة تمسك بزمام الأمور في العديد من المجالات، من ضمنها العلم والفلسفة، بدأت تتصاعد الانتقادات لهذه السلطة الدينية بسبب التدخلات المستمرة في العلوم الطبيعية. في هذا السياق، جادل العلماء والفلاسفة مثل غاليليو وكوبرنيكوس وغيرهم، بأن الحقيقة العلمية لا يمكن أن تكون محكومة بتفسير ديني واحد، ما أسهم في إرساء أرضية خصبة لصعود الفكر الإلحادي والوضعي، الذي اعتبر الدين عائقاً رئيسياً أمام تطور العقل البشري.

بناءً على ذلك، حُمّل الدين في تلك الفترة التاريخية مسؤولية التأخر العلمي والتخلف الفكري، حيث ساهمت هذه الهيمنة الدينية على العلم في تعزيز الانقسام بين العقل والإيمان، مما دفع بالفكر الأوروبي نحو اتجاه نقدي إلحادي من أجل تجنب التدخلات الدينية في شؤون المعرفة، وجاءت العقلانية الحديثة كمحرك رئيسي للتحرر من القيود التي فرضتها السلطة الدينية.

إذن، بين الإسلام وأوروبا، يتجسد التباين الجذري في كيفية التعامل مع العلاقة بين الدين والعلم، فقد أَثمرَ الترابط الوثيق بين الدين والعقل في الحضارة الإسلامية عن انطلاقة علمية هائلة، بينما شهدت أوروبا صراعاً أدى إلى فصل الدين عن العلم وعن العقل، ما أسهم في بروز الفكر الإلحادي بوصفه عقلانية بديلة عن الدين.

الفلسفات الوضعية وتفسيرها للتاريخ العلمي للبشر

شهدت أوروبا في عصر التنوير تحولات جذرية في مجالات الفكر والعقل، وكان أحد ابعاد هذا التحول هو محاولة الفلاسفة إعادة تشكيل نظرية المعرفة والتفسير الوضعي للعالم. في هذا السياق، برز الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت الذي سعى إلى تقديم تفسير تطوري لتاريخ الفكر البشري، فقام بتقسيمه إلى ثلاث مراحل متعاقبة: المرحلة اللاهوتية، المرحلة الميتافيزيقية، والمرحلة الوضعية. هذا التصور كان محاولة جذرية لتفسير كيفية تطور العقل البشري، ولا سيما من خلال نقد الفكر الديني واستبداله بمنهجية عقلية وعلمية جديدة.

في المرحلة اللاهوتية، يعتقد كونت أن الإنسان كان يفسر الظواهر الطبيعية والحياتية من خلال تفسير ديني قائم على قوى غيبية، حيث كان كل شيء يعود إلى إرادة إلهية أو قوة خارقة للطبيعة. هذه النظرة كانت سائدة في العصور القديمة، حيث كان الإنسان يعتقد أن كل ظاهرة، سواء كانت كونية أو إنسانية، هي نتيجة لتدخل قوة إلهية، ولا يمكن تفسيرها إلا من خلال الإيمان. بحسب كونت، كانت هذه المرحلة مرحلة طفولية من الفكر البشري، حيث سادت المفاهيم الدينية الكامنة وراء تفسير العالم.

أما في المرحلة الميتافيزيقية، التي ظهرت بعد الثورة الفكرية التي شهدتها أوروبا نتيجة لنشوء الفلسفات العقلانية، فقد بدأ الإنسان يتحرر تدريجياً من التفسير الديني، وبدأت تظهر محاولات لتفسير الظواهر بشكل أكثر تجريداً. في هذه المرحلة، جرى البحث عن أسباب ما وراء الطبيعة بعيداً عن الدين، عبر مفاهيم مثل القوة العقلية أو المبادئ الميتافيزيقية التي تفسر الظواهر الطبيعية بطريقة مجرّدة. ولكن هذه المرحلة، على الرغم من أنها ابتعدت عن التفسير الديني، إلا أنها ظلت غارقة في التصورات التي لا تعتمد على الملاحظة والتجربة الميدانية، بل على العقل المجرد.

أما المرحلة الوضعية، التي اعتبرها كونت ذروة التطور الفكري، فقد اعتمدت على الملاحظة العلمية والتجربة الحسية. في هذه المرحلة، تجاوز الفكر البشري التأويلات الدينية والميتافيزيقية ليعتمد فقط على الملاحظة الدقيقة والبيانات التجريبية كأدوات لفهم وتحليل العالم. وقد اقترح كونت هذا المنهج بوصفه الحل الأمثل لفهم الطبيعة البشرية والعالم المحيط، فالظواهر عنده لا يمكن تفسيرها إلا من خلال ملاحظتها المباشرة واستخلاص القوانين الحاكمة لها.

هذا التصور الذي قدمه كونت يعكس نظرة تقليدية إلى الدين على أنه مجرد مرحلة بدائية من التفكير البشري، مرحلة يجب تجاوزها لفتح الطريق أمام الفكر العقلاني والعلمي الذي يعتمد على المنهجية الوضعية. هذا التصور يضع الدين في موضع التهميش باعتباره عائقاً أمام تقدم العقل البشري، ويجعله مكوناً غيبياً لا علاقة له بالعلم، بل يتناقض مع الأسس العقلية الحديثة.

لكن هذا التصور، كما يظهر بوضوح، يتناقض بشكل جذري مع التراث الإسلامي الذي لا يرى الدين والعقل في صراع، فعلى عكس التصور الغربي الذي اعتبر الدين عاملاً مقيّداً للمعرفة، نجد أن الفقهاء والعلماء المسلمين قد حثوا على التلازم بين الدين والعلم، وبين الإيمان والعقل. وقد أثبتت الحضارة الإسلامية، خلال عصرها الذهبي، أن الدين يمكن أن يكون محفزاً للبحث العلمي ويعزز من السعي وراء المعرفة، فالإسلام في جوهره، لا يتعارض مع العقل، بل يشجع الإنسان على استخدام عقله في فهم ما يحيط به من ظواهر طبيعية وروحية.

إذن، يظهر أن نظرة كونت للعلم والدين ليست سوى تعبير عن المرحلة التاريخية التي نشأ فيها الفكر الغربي، والتي اعتبرت العقل والعلم منفصلين عن الدين، في حين أن التراث الإسلامي يعكس نموذجاً مغايراً، حيث يكون العلم جزءاً لا يتجزأ من التصور الديني المتكامل.

العلم وحدوده: تساؤلات لا يجيب عنها المنهج التجريبي

رغم ما حققته الفلسفة الوضعية من تقدم في تفسير العديد من ظواهر الطبيعة والمجتمع والتاريخ، إلا أنها ظلت مقيدة بمفهوم ضيق للمعرفة يرتكز على الملاحظة الحسية والتجربة العلمية المباشرة. هذه النظرة، التي جردت المعرفة من أي بعد غيبي أو روحي، فشلت في الإجابة على الأسئلة الجوهرية التي تتعلق بوجود الإنسان ومغزى حياته. فبينما تقدم الوضعية أدوات فعالة لفهم العالم المادي وتفسير الظواهر الطبيعية، فإنها لا تستطيع أن تقدم إجابات شافية للأسئلة المتعلقة بمعنى الحياة، والغاية من الوجود، والمصير النهائي للإنسان. هذه القضايا، التي تتجاوز حدود التجربة الحسية، تظل بعيدة عن متناول الفلسفة الوضعية.

إن حصر المعرفة في نطاق الملاحظة الحسية والتجربة قد أدى إلى إبعاد الإنسان عن بعض أعمق وأهم الأسئلة التي تدور في ذهنه منذ الأزل. فكما يقول السير بيتر مداور، الحائز على جائزة نوبل في الطب: "العلم لا يستطيع الإجابة عن الأسئلة البديهية التي يطرحها علينا أطفالنا: كيف بدأ هذا الوجود؟ كيف جئنا هنا؟ ما الغرض من حياتنا؟ وغيرها كثير، إن هذه الأسئلة ليس لها إجابة إلا عند الفلاسفة ورجال الدين". الأمر الذي يعكس الواقع المقلق الذي نعيشه في عصرنا الحالي، حيث يُحاصر الإنسان في دائرة من الأسئلة التقنية التي لا تلتفت إلى جوهر وجوده الروحي والعاطفي، ويترك العلم التجريبي هذه الأسئلة الكبرى دون إجابة، بل أكثر من ذلك، يحاول إقصاءها من مجال التفكير العقلاني.

إن عجز الفلسفة الوضعية عن تقديم إجابات لهذه الأسئلة العميقة يجعل من الدين ضرورة لا غنى عنها في حياة الإنسان. فالدين لا يتعامل مع العالم فقط بوصفه مجموعة من الظواهر المادية القابلة للتفسير العلمي، بل يفتح أمام الإنسان أفقاً أوسع للتأمل في مغزى حياته ودوره في الكون. من خلال الدين، يحصل الإنسان على معاني أعمق لحياته، ويستطيع أن يتفاعل مع الأسئلة الوجودية بطريقة تُعزز من فهمه للعالم وتوجهه الروحي. وبالتالي، يمكن القول إن الفلسفة الوضعية، بما أنها تقتصر على الميدان المادي، تُعرض الإنسان لفجوة معرفية كبيرة، وتتركه عرضة للفراغ الروحي والعاطفي، وهو ما يدفعه بشكل طبيعي إلى البحث عن إجابات خارج نطاق الملاحظة الحسية، وحينها يكون الدين هو المصدر الأول لتلبية هذه الحاجات الوجودية.

في النهاية، تبقى الفلسفة الوضعية عاجزة عن تقديم تفسير شامل للوجود الإنساني، لأنه ببساطة، يقتصر مجالها على دراسة ما هو مادي، بينما الأسئلة الكبرى التي تخص الإنسان تتطلب منظومة معرفية تتجاوز نطاق هذا الحيز.

إن إلغاء دور الدين بوصفه تفسيراً للوجود والاكتفاء بالتجربة العلمية وحدها لا يؤدي فقط إلى قصر الفهم الإنساني على الجانب المادي، بل يتسبب في تجزئة ذات الإنسان وتشويش رؤيته الكلية للعالم. فالإنسان ليس مجرد مادة صرفة أو كائناً مادياً محدوداً بالمستوى الحسي الذي يمكن ملاحظته وقياسه، بل هو كائن روحي له إرادة وقصد، ويبحث باستمرار عن إجابات تتجاوز حدود العالم المادي، فالإنسان بطبيعته يبحث عن المعنى، عن الغاية، وعن قيم سامية ترفع من مستوى وجوده. وهذا ما يتعذر على العلم التجريبي وحده أن يوفره.

في هذا السياق، يُحسن الدكتور ماكس نوردوه التعبير عن هذا الشعور الديني بوصفه عنصراً أصيلاً في الطبيعة البشرية، قائلاً: "هذا الإحساس أصيل يجده الإنسان غير المتمدن كما يجده أعلى الناس تفكيراً وأعظمهم حدساً، وستبقى الديانات ما بقيت الإنسانية، وستتطور بتطورها، وستتجاوب دائماً مع درجة الثقافة العقلية التي تبلغها الجماعة". فالشعور الديني ليس سمة سطحية أو ظرفية، بل هو جزء لا يتجزأ من طبيعة الإنسان، سواء كان ذلك في أعماق المجتمعات المتقدمة أو في بيئات أقل تطوراً. إن هذا الإحساس بالروحانية والتطلع إلى الأسمى يعد من أعمق وأقوى دوافع الإنسان، الذي لا يمكنه العيش فقط بالعلم المادي دون أن ينسجم مع فهم أعمق لأبعاده الروحية والفلسفية.

وبذلك، يبقى الدين ضرورة إنسانية لا غنى عنها، تكمل ما يقدمه العلم وتغذي الاحتياجات الروحية للعقل والقلب. هذه الحاجة إلى الدين تتخطى حدود الزمن والمكان، وتظل قائمة ما دام الإنسان في سعيه الأبدي نحو الفهم الكامل لوجوده، في هذه الحياة وفيما بعدها.

النقد الحديث للفلسفات الوضعية: عودة الدين إلى واجهة البحث

مع تطور العلوم الإنسانية وتزايد المعرفة في القرن العشرين، بدأ العديد من المفكرين الغربيين في إعادة تقييم موقع الدين في الحياة الإنسانية. إذ شهدت الفلسفة الغربية تحولاً كبيراً، خصوصاً بعد انتقاد الفلسفات الوضعية التي سادت في النصف الأول من القرن العشرين، وهو ما شكل نقطة تحول حاسمة في الفكر الغربي. في هذا السياق، جاء إعلان السير ألفريد آير في خمسينيات القرن العشرين عن "وفاة الفلسفة الوضعية"، ليكون بمثابة تحوّل في النظرة إلى العلاقة بين العلم والدين. فقد أدرك آير وغيره من المفكرين أن الفلسفة الوضعية، التي كانت تدعو إلى تطبيق قواعد البحث العلمي التجريبي على جميع المجالات، بما في ذلك العلوم الإنسانية والدينية، لم تكن قادرة على تقديم تفسير شامل ومعقول للوجود الإنساني أو للإيمان الديني.

وكان آير قد أشار إلى أن العلوم التجريبية، مثل الكيمياء والفيزياء، التي تعتمد على الحواس والتجربة المباشرة، لا يمكن تطبيقها على العلوم الإنسانية أو الدينية. ففيما يخص العلوم الإنسانية، مثل الفلسفة والمنطق والأخلاق، تكون المبادئ والأفكار غير قابلة للقياس أو التجربة المباشرة. وهذه الحقيقة تجعل من محاولة فهم مفاهيم دينية من خلال معايير علمية تجريبية عملية مستحيلة. كما قال آير: "لا يمكننا تطبيق قواعد البحث في العلوم التجريبية التي تعتمد على الحواس (كالكيمياء والفيزياء) على العلوم الإنسانية (كالفلسفة والمنطق والأخلاق)".

هذا التوجه يكتسب أهمية خاصة عندما نتحدث عن المفاهيم الدينية التي تتجاوز التجربة الحسية والملاحظة المادية. على سبيل المثال، عندما يقول المؤمن إن "الله موجود في كل مكان كلي الوجود"، فإن محاولة تفسير هذا المفهوم باستخدام مفاهيم فيزيائية مثل "المكان" أو "الزمان"، هي محاولة تقليدية لنقل الحقائق الخارجة عن إطار الزمان والمكان إلى إطار مادي بحت، الأمر الذي يؤدي إلى تجاهل التباين الجوهري بين المفاهيم الميتافيزيقية التي يتناولها الدين وبين المفاهيم الملموسة التي يعالجها العلم.

من خلال هذا الموقف، تبرز دعوة آير وغيرهم من المفكرين الغربيين إلى ضرورة إحداث نوع من إعادة التقييم، يعترف بالفروق الأساسية بين العلوم التجريبية والدراسات الإنسانية والدينية. إذ إن الدين، الذي يعالج الأسئلة الكبرى المتعلقة بالوجود والمعنى والغاية، لا يمكن اختزاله في نموذج علمي مادي.

 وبهذه الطريقة، لا يعارض آير أو غيره من المفكرين المعاصرين العلم أو يرفضونه، بل يدعون إلى توسيع نطاق المعرفة لتشمل تلك المجالات التي لا يمكن تفسيرها من خلال المنهج التجريبي. ففي رأيهم، يمكن أن يتعايش الدين والعلم، كل في مجاله الخاص، دون أن يتناقضا. فالدين يهتم بالمفاهيم التي تتعلق بالروح والوجود والمعنى والغاية، بينما يظل العلم مهتماً بشرح الظواهر الطبيعية في عالم المادة. ومن هذا المنطلق، يمكن أن نرى في هذه الفلسفة الغربية المتجددة دعوة إلى الحوار والتكامل بين الدين والعلم، بدلاً من الصراع أو الإلغاء المتبادل.

وإذا نظرنا إلى هذه الفكرة من زاوية أوسع، نجد أن العديد من الفلاسفة والعلماء المعاصرين قد بدأوا في إعادة النظر في العلاقة بين العلم والدين، حيث يرون أن كلا منهما يجيب على نوع مختلف من الأسئلة. فعلم الطبيعة يختص بتفسير الكيفية التي تحدث بها الأشياء في هذا الكون، بينما يقدم الدين إطاراً يجيب على الأسئلة المبدئية عن لماذا تحدث الأشياء في إطار الإنسان، ولماذا وجد الإنسان، وما الغاية من وجوده، وما هو مصيره. هذا التكامل بين العلم والدين يتطلب منا أن نكون أكثر انفتاحاً لفهم كيفية تعايشهما، وكيف يمكن لكل منهما أن يساهم في إثراء تجربة الإنسان.

إجمالاً، فإن النظر إلى العلم والدين كمسارين متكاملين وليس متناقضين يمثل تحدياً للعديد من المفاهيم التقليدية، ولكنه يقدم لنا فرصة للتفكير في كيفية تطور الفكر البشري في العصور الحديثة. العلم قادر على شرح "كيف" تعمل الأشياء، بينما الدين يوفر لنا تفسيراً لــ"لماذا" توجد هذه الأشياء. وبهذا المعنى، يمكننا أن نعتبر العلم والدين شريكين في السعي لفهم أعظم الأسئلة التي تواجه البشرية، من خلال إحياء التوازن الفكري بين المادية والروحانية.

مدخل: الدين ودوره في بناء الحضارات

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م