2022-08-22 550
وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ.. الصفح والعفو ف القرآن الكريم
ما زال الإسلام يروض اتباعه على
الأخلاق الحسنة، ويبنيها لمجتمع فاضل تسوده المثل والقيم، لينال
المصفح الحليم ما يستحقه من مكافئة من عند الله، إذ إن جزاء العفو
والصفح، غفران الله سبحانه وتعالى للعبد، فقد قال عز وجل: (( ......
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ
اللَّهُ لَكُمْ........)(سورة البقرة ـ 237)، وقوله تعالى: ((إِن
تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ))(سورة النساء ـ149)، وقوله
تعالى: ((فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا
قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ
وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ
عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ
عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ))(سورة
المائدة ـ 13)، وقوله تعالى: (( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ
مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ
إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)).
وإمعانا في تربية المسلمين على خلق الصفح، أكد القرآن الكريم على ضرورة دفع السيء بالأحسن، حفاظا على الود بين الناس فقد ورد في سورة فصلت قوله تعالى: ((وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ))(سورة فصلت ـ 34)، وقوله تعالى: ((.......وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ))(سورة البقرة ـ 237)، ووقله تعالى: ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ))(سورة المؤمنون ـ 96)
واتساقا مع القرآن الكريم، راح نبي الرحمة محمد صلوات الله عليه وآله في ترسيخ قيمة الحلم والصفح في مجتمعه، كيف لا وهو نبي للإنسانية، وقد بعث إتماما وإحياءً للخلق القويم، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله أنه قال: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ومن جملة ما ندب صلوات الله عليه وآله اليه هو العفو والصفح، فورد عنه صلوات الله عليه وآله في أحدى خطبه، قوله: "ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة: العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والاحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك"، كما اعتبر الحلم جرعة توصل العبد بربه، فقد قال صلوات الله تعالى عليه وآله: "من أحب السبيل إلى الله عز وجل جرعتان: جرعة غيظ تردها بحلم وجرعة مصيبة تردها بصبر".
وعلى ذات السبيل، وظّف أهل بيت العصمة اقوالهم وأفعالهم، فقد ورد عن الإمام السجاد عليه الصلاة والسلام قوله: "إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثم ينادي مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من الناس (أي جماعة من الناس والرؤساء) فتلقاهم الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا ونعطي من حرمنا ونعفو عمن ظلما، قال: فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة"، كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام: "إنه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه".
كما ورد عن أبي جعفر عليه الصلاة والسلام : "الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة"، وعنه ايضا: " إن الله عز وجل يحب الحيي الحليم".
وعدّ الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام الحلم عبادة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا يكون الرجل عابدا حتى يكون حليما، وإن الرجل كان إذا تعبد في بني إسرائيل لم يعد عابدا حتى يصمت قبل ذلك عشر سنين".
وعن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال: "إذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان فيقولان للسفيه منهما: قلت وقلت (التكرار لبيان كثرة الشتم وقول الباطل) وأنت أهل لما قلت، ستجزي بما قلت ويقولان للحليم منهما: صبرت وحلمت سيغفر الله لك إن أتممت ذلك، قال: فإن رد الحليم عليه ارتفع الملكان"، ناهيك عما كان يوصي به شيعته بضرورة التحلم وتعلم الحلم والاشتغال عليه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "إذا لم تكن حليما فتحلم".
ودأب النبي الأكرم وأئمة أهل بيته عليه وعليه الصلاة والسلام على تدريب المؤمنين على الصفح والعفو، وجعل ذلك مما يتخلقون به، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل أتاه: ألا أدلك على أمر يدخلك الله به الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أنل مما أنالك الله(أي أعط المحتاجين مما أعطاك الله تعالى) قال: فان كنت أحوج ممن أنيله؟ قال: فانصر المظلوم، قال: وإن كنت أضعف ممن أنصره؟ قال: فاصنع للأخرق(الخرق بالضم: الجهل والحمق، والأخرق: الجاهل بما يجب أن يعمله ومن لا يحسن التصرف في الأمور) يعني أشر عليه(أرشده للخير) قال: فإن كنت أخرق ممن أصنع له؟ قال: فاصمت لسانك إلا من خير، أما يسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة؟، لأن في العفو يتحصل العافي منزلته الرفيعة عند الله، فعن رسول الله صلوات الله تعالى عليه وآله أنه قال: "الله عليه وآله وسلم: رأيت ليلة أسري بي قصورا مستوية مشرفة على الجنة، فقلت: يا جبرئيل لمن هذا ؟ فقال: الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين".
كما قال صلوات الله تعالى عليه في جائزة من يعفو ويصفح: "إذا بعث الله عز وجل الخلائق يوم القيامة نادى مناد من تحت العرش ثلاثة أصوات يا معشر الموحدين إن الله قد عفا عنكم فليعف بعضكم عن بعض".
وعن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: "يا زيد اصبر على أعداء النعم، فإنك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه، يا زيد إن الله اصطفى الإسلام واختاره، فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق".
وفي قصة أخلاقية مليئة بالمثل والقيم، وتمثل لنا درسا بليغا في قيم الصفح وضبط النفس حيال الإساءة، مما ورد عن حواري الإمام علي عليه الصلاة والسلام، مالك الأشتر رضوان الله تعالى عليه، عند ما مر في سوق الكوفة وعليه قميص خام وعمامة من خام أيضاً، ورآه شخص يغلب عليه الطيش فاحتقره لثيابه العادية هذه، بل ورماه ببندقة طين فلم يلتفت إليه الأشتر ومضى، فقيل له: هل تعرف من رميت؟
قال: لا.
قيل: هذا مالك الأشتر صاحب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، وكان يومها الحديث ابن الأشتر بين الناس على كل شفة ولسان، فارتعد الرجل، وتبع الأشتر ليعتذر إليه، فوجده قد دخل مسجداً، وهو قائم يصلي.
فلما فرغ من صلاته وقع الرجل على قدميه يقبلهما قائلا للأشتر: أعتذر إليك مما صنعت، فقال له الأشتر: والله ما دخلت المسجد إلا لأستغفر لك.
وإمعانا في تربية المسلمين على خلق الصفح، أكد القرآن الكريم على ضرورة دفع السيء بالأحسن، حفاظا على الود بين الناس فقد ورد في سورة فصلت قوله تعالى: ((وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ))(سورة فصلت ـ 34)، وقوله تعالى: ((.......وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ))(سورة البقرة ـ 237)، ووقله تعالى: ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ))(سورة المؤمنون ـ 96)
واتساقا مع القرآن الكريم، راح نبي الرحمة محمد صلوات الله عليه وآله في ترسيخ قيمة الحلم والصفح في مجتمعه، كيف لا وهو نبي للإنسانية، وقد بعث إتماما وإحياءً للخلق القويم، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله أنه قال: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ومن جملة ما ندب صلوات الله عليه وآله اليه هو العفو والصفح، فورد عنه صلوات الله عليه وآله في أحدى خطبه، قوله: "ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة: العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والاحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك"، كما اعتبر الحلم جرعة توصل العبد بربه، فقد قال صلوات الله تعالى عليه وآله: "من أحب السبيل إلى الله عز وجل جرعتان: جرعة غيظ تردها بحلم وجرعة مصيبة تردها بصبر".
وعلى ذات السبيل، وظّف أهل بيت العصمة اقوالهم وأفعالهم، فقد ورد عن الإمام السجاد عليه الصلاة والسلام قوله: "إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثم ينادي مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من الناس (أي جماعة من الناس والرؤساء) فتلقاهم الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا ونعطي من حرمنا ونعفو عمن ظلما، قال: فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة"، كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام: "إنه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه".
كما ورد عن أبي جعفر عليه الصلاة والسلام : "الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة"، وعنه ايضا: " إن الله عز وجل يحب الحيي الحليم".
وعدّ الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام الحلم عبادة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا يكون الرجل عابدا حتى يكون حليما، وإن الرجل كان إذا تعبد في بني إسرائيل لم يعد عابدا حتى يصمت قبل ذلك عشر سنين".
وعن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال: "إذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان فيقولان للسفيه منهما: قلت وقلت (التكرار لبيان كثرة الشتم وقول الباطل) وأنت أهل لما قلت، ستجزي بما قلت ويقولان للحليم منهما: صبرت وحلمت سيغفر الله لك إن أتممت ذلك، قال: فإن رد الحليم عليه ارتفع الملكان"، ناهيك عما كان يوصي به شيعته بضرورة التحلم وتعلم الحلم والاشتغال عليه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "إذا لم تكن حليما فتحلم".
ودأب النبي الأكرم وأئمة أهل بيته عليه وعليه الصلاة والسلام على تدريب المؤمنين على الصفح والعفو، وجعل ذلك مما يتخلقون به، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل أتاه: ألا أدلك على أمر يدخلك الله به الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أنل مما أنالك الله(أي أعط المحتاجين مما أعطاك الله تعالى) قال: فان كنت أحوج ممن أنيله؟ قال: فانصر المظلوم، قال: وإن كنت أضعف ممن أنصره؟ قال: فاصنع للأخرق(الخرق بالضم: الجهل والحمق، والأخرق: الجاهل بما يجب أن يعمله ومن لا يحسن التصرف في الأمور) يعني أشر عليه(أرشده للخير) قال: فإن كنت أخرق ممن أصنع له؟ قال: فاصمت لسانك إلا من خير، أما يسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة؟، لأن في العفو يتحصل العافي منزلته الرفيعة عند الله، فعن رسول الله صلوات الله تعالى عليه وآله أنه قال: "الله عليه وآله وسلم: رأيت ليلة أسري بي قصورا مستوية مشرفة على الجنة، فقلت: يا جبرئيل لمن هذا ؟ فقال: الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين".
كما قال صلوات الله تعالى عليه في جائزة من يعفو ويصفح: "إذا بعث الله عز وجل الخلائق يوم القيامة نادى مناد من تحت العرش ثلاثة أصوات يا معشر الموحدين إن الله قد عفا عنكم فليعف بعضكم عن بعض".
وعن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: "يا زيد اصبر على أعداء النعم، فإنك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه، يا زيد إن الله اصطفى الإسلام واختاره، فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق".
وفي قصة أخلاقية مليئة بالمثل والقيم، وتمثل لنا درسا بليغا في قيم الصفح وضبط النفس حيال الإساءة، مما ورد عن حواري الإمام علي عليه الصلاة والسلام، مالك الأشتر رضوان الله تعالى عليه، عند ما مر في سوق الكوفة وعليه قميص خام وعمامة من خام أيضاً، ورآه شخص يغلب عليه الطيش فاحتقره لثيابه العادية هذه، بل ورماه ببندقة طين فلم يلتفت إليه الأشتر ومضى، فقيل له: هل تعرف من رميت؟
قال: لا.
قيل: هذا مالك الأشتر صاحب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، وكان يومها الحديث ابن الأشتر بين الناس على كل شفة ولسان، فارتعد الرجل، وتبع الأشتر ليعتذر إليه، فوجده قد دخل مسجداً، وهو قائم يصلي.
فلما فرغ من صلاته وقع الرجل على قدميه يقبلهما قائلا للأشتر: أعتذر إليك مما صنعت، فقال له الأشتر: والله ما دخلت المسجد إلا لأستغفر لك.
الأكثر قراءة
25888
18684
13876
10740