2022-05-16 2077
حق الجار برؤية أهل البيت عليهم السلام
لم يغادر المشرع الإسلامي صغيرة ولا
كبيرة، دون أن يُشبعها نظما وتنظيما، لمَ لا والقرآن الكريم يحدثنا
عن استغراقه لكل شيء ((وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا))
(سورة النبأ ـ 29).
ولأن ما من فعل أو عمل أو قول يصدر عن الإنسان، إلا عليه رقيب عتيد، ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(8))(سورة الزلزلة ـ 7 ـ 8)، ولأن لكل شيء حق مهما صغر أو كبر، فلا عبث في شيء ولا لهو، صار للجار حقه هو ايضا، كيف لا والجار هو اللبنة الاجتماعية الأولى بعد الأسرة في تكوين المجتمعات، خصوصا وإن لرابطة الجوار دور كبير في الحركة التكاملية للمجتمع، أي مجتمع كان، بل ويعدها علماء الأخلاق بالمرتبة الثانية بعد صلة الرحم؛ إذ إن لسلوك الجار تأثير مباشر على البناء الأسري، خصوصا قبل أن تتشظى الحياة بفوضى الانفتاح الرقمي، وبالتالي فأن الجوار هو المحيط الاجتماعي المصغّر الذي تعيشه الأُسرة، ومن باب التطبع والتأثير والتأثر، سوف تنعكس اسقاطات هذه العليقة ـ الجوار ـ على السلوك التربوي للأُسر.
ولأهمية الجار في البناء الأسري، أبدا المشرع الإسلامي الجار عناية خاصة، ومنحه حقوقا لا يمكن أن نجد مثيلاتها في النظم التربوية الأخرى، فقد قرن الله جل ثناءه عظيم عبادته مع الإحسان إلى الوالدين والأرحام والجار، فقد داء في القرآن الكريم: ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ....))(سورة النساء ـ 36)
وبهذا فقد أسس القرآن الكريم اسسا متينة للبناء المجتمعي، من خلال منهجية الإحسان، خصوصا عندما قرن الإحسان للوالدين والأقربين والمستحقين بالإحسان للجار.
وللمطلع على فلسلفة الخطاب القرآن، يجد أن العمومية في تسمية الجار في قوله تعالى، إنما تعني قفزا فوق المسميات العقائدية والكرية والعرقية، وهو تنظيم اجتماعي غاية في التقدم والتحضر، لم تفطن له حتى النظم الاجتماعية الحديثة التي تتشدق بتقدمها ومدنيتها على حساب الأديان السماوية.
ومن باب الإمعان في تسمية حق الجار، دون التقيد بالدين والانتماء العقائدي أو أي صورة تمايز أخرى، فقد ورد عن رسول الإنسانية صلوات الله عليه وآله أنه قال: "الجيران ثلاثة : فمنهم مَن له ثلاثة حقوق: حق الجِوار وحق الإسلام وحق القرابة؛ ومنهم مَن له حقّان: حق الإسلام وحق الجِوار؛ ومنهم مَن له حق واحد: الكافر له حق الجِوار"، والحيق الأخير يبين لنا أن كرامة الإنسان فوق انتماءه، وأن قيمته لا توقف حيث ينتمي أو يدين، فالكافر بالله والجاحد لنعمائه، يبقى ممن له الحق على حجاره المسلم، والحساب مكفول لرب الأرباب.
كما ورد عن نبي الإنسانية محمد صولات الله عليه وآله بضرورة السعي في مداراة حق الجار، أنه قال: "مازال جبرئيل (عليه السلام) يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورّثه".
وقد كتب نبينا الأكرم صلوات الله عليه وآله وسلم كتاباً بين المهاجرين والأنصار ومَن لحق بهم من أهل المدينة، جاء فيه: "إنّ الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أُمّه"، بل أنه صلوات الله عليه وآله قد جعل إكرام الجار من علامات إيمان المرء، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله: " مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره".
وفي أتساق مع قيمة حسن الجوار، استعاذ رسول الله صلوات الله عليه وآله من جار السوء، بقوله الشريف: "أعوذ بالله من جار السوء في دار إقامة ، تراك عيناه ويرعاك قلبه ، إن رآك بخير ساءه ، وإن رآك بشر سرّه" وفي هذا تشجيع على توخي التعامل الحسن مع الجار بالابتعاد عن الأنانية التي قد تجر صاحبها لتفويت حق جاره.
وأعتبر صلوات الله عليه وآله؛ الاعتداء على الجار من دواعي حرمان المرء من الجنة، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله: "مَن كان مؤذياً لجاره من غير حقّ ، حرمه الله ريح الجنة ، ومأواه النار ، أَلا وإنّ الله عزَّ وجلَّ يسأل الرجل عن حق جاره ، ومَن ضيّع حق جاره فليس منّا".
بل إنه صلوات الله عليه وآله عدّ المتلصص على جار طلبا لعورته ممن يُحشر مع المنافقين، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله قوله: "ومّن اطّلع في بيت جاره فنظر إلى عورة رجل ، أو شَعر امرأة ، أو شيء من جسدها ، كان حقاً على الله أن يدخله النار مع المنافقين ، الذين كانوا يتبعون عورات الناس في الدنيا ، ولا يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله ، ويبدي عورته للناس في الآخرة".
ناهيك عن تحريمه القطعي للاعتداء على ما ل الجار، بل واواصل المعتدي لنار جهنم، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله قوله: "ومَن خان جاره شبراً من الأرض ، طوّقه الله يوم القيامة إلى سبع أرضين ناراً ، حتى يدخله نار جهنّم"
وتأسيسا لثقافة التكافل الاجتماعي، لما لها من فوائد اجتماعية جمة، أدرج صلوات الله عليه وآله النظر إلى حوائج الجار مما يجعل المرء في عين الله ووكالته، فقد قال صلوات الله عليه وآله: "ومَن منع الماعون من جاره إذا احتاج إليه، منعه الله فضله يوم القيامة، ووكله إلى نفسه، ومَن وكله الله إلى نفسه هلك، ولا يقبل الله عزَّ وجلَّ له عذراً"
كما أمر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم خواصه المقربين كأمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسام وسلمان المحمدي وأبا ذر الغفاري والمقداد بأن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم ويجهروا بالقول: "لا إيمان لمَن لم يأمن جاره بوائقه"، حتى نادوا بذلك ثلاثة ايام، ثمّ أومأ صلوات الله عليه وآله بيده الشريفة إلى كلّ أربعين داراً من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله"
وعلى منهج القرآن الكريم، وتتمة للمنهج النبوي الشريف، أتسقت توجيهات أئمة بيت الهدى صلوات الله عليهم في تحقيق حق الجار والاشتغال على ضمان عدم فوات ما له من حوق على جار، فقد ورد عن أمير المؤمنين ويعسوب الدين صلوات الله عليه، قوله: "والله الله في جيرانكم، فإنّهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى ظنّنا أنّه سيورّثهم".
وقد أفرد الإمام علي السجاد عليه الصلاة والسلام بندا مهما من رسالته الحقوقية العظيمة، لتبيان حق الجار واسس أسسا متينة لهذا الحق ، من خلال تخليق المرء بجملة اخلاقيات وسلوكيات تجسد عمق أواصر الأخوة بين الجيران، فضلا عن كونها تأسيا بالسيرة العطرة للنبي الكرم صلوات الله عليه وآله، فقد ورد في سالة الحقوق لإمامنا السجاد عليه الصلاة والسلام : "وأمّا حق الجار فحفظه غائباً، وكرامته شاهدا، ونصرته ومعونته في الحالين معاً، لا تتبع له عورة، ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها، فإن عرفتها منه عن غير إرادة منك ولا تكلّف، كنت لِما علمت حصناً حصيناً وستراً ستيراً، لو بحثت الأسنة عنه ضميراً لم تتصل إليه لانطوائه عليه، لا تستمع عليه من حيث لا يعلم، لا تُسلِمه عند شديدة ولا تحسده عند نعمة، تقّبل عثرته، وتغفر زلته، ولا تدّخر حلمك عنه إذا جهل عليك، ولا تخرج أن تكون سلماً له ترد عنه لسان الشتيمة، وتبطل فيه كيد حامل النميمة، وتعاشره معاشرةً كريمة، ولا قوة إلاّ بالله".
كما عد الإمام جعفر الصادق عليه الصلاة والسلام حسن الجوار من الأوامر الإلهية، حيث ورد عنه: "عليكم بحُسن الجِوار ، فإنّ الله عزَّ وجلَّ أمر بذلك"، كما حثّ عليه الصلاة والسلام على حُسن الجِوار ؛ لِما فيه من تأثيرات إيجابية واقعية تعود بالنفع على المحسن لجاره، فقد وردعنه: " حُسن الجِوار يعمّر الديار ، ويزيد في الأعمار".
في حين طبّق الإمام الكاظم حسن الجوار بشكل أعمق وأدق، فلم يكتفي صلوات الله عليه وآله بكفّ الأذى عن الجار وحسب، إنما طالب بالصبر على اذاه، حفاظا على دوام الوشيجة المجتمعية (الجوار)، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "ليس حُسن الجِوار كفّ الأذى، ولكن حُسن الجِوار الصبر على الأذى"، كما دعا عليه الصلاة والسلام الى ضرورة تفقد أحوال الجيران، وتقديم ما يمكن تقديمه لهم من يد العون، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله قوبه: "ما آمن بي مَن بات شبعان وجاره جائع".
ولأن ما من فعل أو عمل أو قول يصدر عن الإنسان، إلا عليه رقيب عتيد، ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(8))(سورة الزلزلة ـ 7 ـ 8)، ولأن لكل شيء حق مهما صغر أو كبر، فلا عبث في شيء ولا لهو، صار للجار حقه هو ايضا، كيف لا والجار هو اللبنة الاجتماعية الأولى بعد الأسرة في تكوين المجتمعات، خصوصا وإن لرابطة الجوار دور كبير في الحركة التكاملية للمجتمع، أي مجتمع كان، بل ويعدها علماء الأخلاق بالمرتبة الثانية بعد صلة الرحم؛ إذ إن لسلوك الجار تأثير مباشر على البناء الأسري، خصوصا قبل أن تتشظى الحياة بفوضى الانفتاح الرقمي، وبالتالي فأن الجوار هو المحيط الاجتماعي المصغّر الذي تعيشه الأُسرة، ومن باب التطبع والتأثير والتأثر، سوف تنعكس اسقاطات هذه العليقة ـ الجوار ـ على السلوك التربوي للأُسر.
ولأهمية الجار في البناء الأسري، أبدا المشرع الإسلامي الجار عناية خاصة، ومنحه حقوقا لا يمكن أن نجد مثيلاتها في النظم التربوية الأخرى، فقد قرن الله جل ثناءه عظيم عبادته مع الإحسان إلى الوالدين والأرحام والجار، فقد داء في القرآن الكريم: ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ....))(سورة النساء ـ 36)
وبهذا فقد أسس القرآن الكريم اسسا متينة للبناء المجتمعي، من خلال منهجية الإحسان، خصوصا عندما قرن الإحسان للوالدين والأقربين والمستحقين بالإحسان للجار.
وللمطلع على فلسلفة الخطاب القرآن، يجد أن العمومية في تسمية الجار في قوله تعالى، إنما تعني قفزا فوق المسميات العقائدية والكرية والعرقية، وهو تنظيم اجتماعي غاية في التقدم والتحضر، لم تفطن له حتى النظم الاجتماعية الحديثة التي تتشدق بتقدمها ومدنيتها على حساب الأديان السماوية.
ومن باب الإمعان في تسمية حق الجار، دون التقيد بالدين والانتماء العقائدي أو أي صورة تمايز أخرى، فقد ورد عن رسول الإنسانية صلوات الله عليه وآله أنه قال: "الجيران ثلاثة : فمنهم مَن له ثلاثة حقوق: حق الجِوار وحق الإسلام وحق القرابة؛ ومنهم مَن له حقّان: حق الإسلام وحق الجِوار؛ ومنهم مَن له حق واحد: الكافر له حق الجِوار"، والحيق الأخير يبين لنا أن كرامة الإنسان فوق انتماءه، وأن قيمته لا توقف حيث ينتمي أو يدين، فالكافر بالله والجاحد لنعمائه، يبقى ممن له الحق على حجاره المسلم، والحساب مكفول لرب الأرباب.
كما ورد عن نبي الإنسانية محمد صولات الله عليه وآله بضرورة السعي في مداراة حق الجار، أنه قال: "مازال جبرئيل (عليه السلام) يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورّثه".
وقد كتب نبينا الأكرم صلوات الله عليه وآله وسلم كتاباً بين المهاجرين والأنصار ومَن لحق بهم من أهل المدينة، جاء فيه: "إنّ الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أُمّه"، بل أنه صلوات الله عليه وآله قد جعل إكرام الجار من علامات إيمان المرء، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله: " مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره".
وفي أتساق مع قيمة حسن الجوار، استعاذ رسول الله صلوات الله عليه وآله من جار السوء، بقوله الشريف: "أعوذ بالله من جار السوء في دار إقامة ، تراك عيناه ويرعاك قلبه ، إن رآك بخير ساءه ، وإن رآك بشر سرّه" وفي هذا تشجيع على توخي التعامل الحسن مع الجار بالابتعاد عن الأنانية التي قد تجر صاحبها لتفويت حق جاره.
وأعتبر صلوات الله عليه وآله؛ الاعتداء على الجار من دواعي حرمان المرء من الجنة، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله: "مَن كان مؤذياً لجاره من غير حقّ ، حرمه الله ريح الجنة ، ومأواه النار ، أَلا وإنّ الله عزَّ وجلَّ يسأل الرجل عن حق جاره ، ومَن ضيّع حق جاره فليس منّا".
بل إنه صلوات الله عليه وآله عدّ المتلصص على جار طلبا لعورته ممن يُحشر مع المنافقين، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله قوله: "ومّن اطّلع في بيت جاره فنظر إلى عورة رجل ، أو شَعر امرأة ، أو شيء من جسدها ، كان حقاً على الله أن يدخله النار مع المنافقين ، الذين كانوا يتبعون عورات الناس في الدنيا ، ولا يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله ، ويبدي عورته للناس في الآخرة".
ناهيك عن تحريمه القطعي للاعتداء على ما ل الجار، بل واواصل المعتدي لنار جهنم، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله قوله: "ومَن خان جاره شبراً من الأرض ، طوّقه الله يوم القيامة إلى سبع أرضين ناراً ، حتى يدخله نار جهنّم"
وتأسيسا لثقافة التكافل الاجتماعي، لما لها من فوائد اجتماعية جمة، أدرج صلوات الله عليه وآله النظر إلى حوائج الجار مما يجعل المرء في عين الله ووكالته، فقد قال صلوات الله عليه وآله: "ومَن منع الماعون من جاره إذا احتاج إليه، منعه الله فضله يوم القيامة، ووكله إلى نفسه، ومَن وكله الله إلى نفسه هلك، ولا يقبل الله عزَّ وجلَّ له عذراً"
كما أمر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم خواصه المقربين كأمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسام وسلمان المحمدي وأبا ذر الغفاري والمقداد بأن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم ويجهروا بالقول: "لا إيمان لمَن لم يأمن جاره بوائقه"، حتى نادوا بذلك ثلاثة ايام، ثمّ أومأ صلوات الله عليه وآله بيده الشريفة إلى كلّ أربعين داراً من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله"
وعلى منهج القرآن الكريم، وتتمة للمنهج النبوي الشريف، أتسقت توجيهات أئمة بيت الهدى صلوات الله عليهم في تحقيق حق الجار والاشتغال على ضمان عدم فوات ما له من حوق على جار، فقد ورد عن أمير المؤمنين ويعسوب الدين صلوات الله عليه، قوله: "والله الله في جيرانكم، فإنّهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى ظنّنا أنّه سيورّثهم".
وقد أفرد الإمام علي السجاد عليه الصلاة والسلام بندا مهما من رسالته الحقوقية العظيمة، لتبيان حق الجار واسس أسسا متينة لهذا الحق ، من خلال تخليق المرء بجملة اخلاقيات وسلوكيات تجسد عمق أواصر الأخوة بين الجيران، فضلا عن كونها تأسيا بالسيرة العطرة للنبي الكرم صلوات الله عليه وآله، فقد ورد في سالة الحقوق لإمامنا السجاد عليه الصلاة والسلام : "وأمّا حق الجار فحفظه غائباً، وكرامته شاهدا، ونصرته ومعونته في الحالين معاً، لا تتبع له عورة، ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها، فإن عرفتها منه عن غير إرادة منك ولا تكلّف، كنت لِما علمت حصناً حصيناً وستراً ستيراً، لو بحثت الأسنة عنه ضميراً لم تتصل إليه لانطوائه عليه، لا تستمع عليه من حيث لا يعلم، لا تُسلِمه عند شديدة ولا تحسده عند نعمة، تقّبل عثرته، وتغفر زلته، ولا تدّخر حلمك عنه إذا جهل عليك، ولا تخرج أن تكون سلماً له ترد عنه لسان الشتيمة، وتبطل فيه كيد حامل النميمة، وتعاشره معاشرةً كريمة، ولا قوة إلاّ بالله".
كما عد الإمام جعفر الصادق عليه الصلاة والسلام حسن الجوار من الأوامر الإلهية، حيث ورد عنه: "عليكم بحُسن الجِوار ، فإنّ الله عزَّ وجلَّ أمر بذلك"، كما حثّ عليه الصلاة والسلام على حُسن الجِوار ؛ لِما فيه من تأثيرات إيجابية واقعية تعود بالنفع على المحسن لجاره، فقد وردعنه: " حُسن الجِوار يعمّر الديار ، ويزيد في الأعمار".
في حين طبّق الإمام الكاظم حسن الجوار بشكل أعمق وأدق، فلم يكتفي صلوات الله عليه وآله بكفّ الأذى عن الجار وحسب، إنما طالب بالصبر على اذاه، حفاظا على دوام الوشيجة المجتمعية (الجوار)، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "ليس حُسن الجِوار كفّ الأذى، ولكن حُسن الجِوار الصبر على الأذى"، كما دعا عليه الصلاة والسلام الى ضرورة تفقد أحوال الجيران، وتقديم ما يمكن تقديمه لهم من يد العون، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله قوبه: "ما آمن بي مَن بات شبعان وجاره جائع".
الأكثر قراءة
26899
18766
14035
10856