| شخصيات إسلامية | أبو الأسود الدؤلي... واضع قواعد ولبنات علم النحو
2022-07-16 1696
أبو الأسود الدؤلي... واضع قواعد ولبنات علم النحو
أبو الأسود الدُؤَلي، شاعر ومحدث من
أشهر التابعين، عرف بصحبته لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام، كما عرف بأن مؤسس لعلم النحو، فضلا عن تلك المصادر التي
تؤكد بأن أبا الأسود هو واضع قواعد ولبنات علم النحو وهو أوّل من
قام بتشكيل الكلمات القرآنية ووضع الحركات الإعرابية عليها وتنقيط
المصحف الشريف.
ما زالت المصادر التأريخية شحيحة عن حياة الدؤلي، ولم تذكر لنا إلا النتف اليسيرة عنها، ومع ندرتها تحمل في كثير من الحالات كماً من التناقضات التاريخية بما في ذلك اسمه وكنيته، فهناك اختلاف كبير بين مترجمّي أبي الأسود حول اسمه وأسماء آبائه، وكل مؤرخ من القدماء أو المعاصرين يرجح اسماً ما أو يذكر الاسماء دون ترجيح أحدها، حتى أنّ بعض الباحثين وضع فهرسة لأسمائه وأسماء آبائه وأجداده المحتملة كالدجيلي مثلا.
وأشهر أسمائه ونسبه هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس ابن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وهذا قول الأكثر في اسمه، مع فلة فيمن يقول بأنه عمرو بن ظالم بن سفيان، وباقي نسبه سواء، وقيل إنه عثمان بن عمرو، ولا يمكن الركون إليها، كما ذكر البعض بأنه ظالم بن سارق، ومرد هذا التشتت هو الخلط بين الاسماء فإنّ بين سارق وسراق قرب شبه كبير في رسم الخط.
ويرجع نسب الدؤلي إلى كنانة مُضر التي كانت تقطن في عالية البصرة، وينتهي نسبه إلى خصوص الدُئل من كنانة.
أما بخصوص ولادته، فلم يعيّن التاريخ عام ولادة أبي الأسود، ولكن أكثر مترجميه ذكروا أنّه ولد في الجاهلية، فيما ذكر أبو حاتم السجستاني عبارة يظهر منها الشك والتردد أنّه ولد في الجاهلية، ونقل عنه أنّه ولد في عالم الفتح.
كما يذكر المؤرخون أن للدؤلي ولدين، هما عطاء وأبو حرب، فأما عطاء فكان على شرط أبيه بالبصرة، ثم بعج العربية هو ويحيى بن يعمر العدواني بعد أبي الأسود، ولا عقب لعطاء.
وأما أبو حرب فكان عاقلاً شجاعاً، ووالاه الحجاج جوخاً، وكان عقب أبي الأسود منه.
وبخصوص عام وفاته، فقط اختلف المترجمون في ذلك، فقد ذهب المشهور من المؤرخين والباحثين إلى القول بأنّه توفي سنة 69 هـ بمرض الطاعون الذي أهلك الكثير من البصريين، قيل مات قبل الطاعون بقليل بعلة الفالج مستنداً في ذلك بعدم وجود ذكر لأبي الأسود في قضية المختار، وذهب فريق آخر إلى القول بأنّه توفي إبّان حكومة عبيد الله بن زياد، فيما زعم آخرون أنّه عاش حتى أدرك حكم الحجاج بن يوسف، وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز.
وبخصوص احتمال كون الدؤلي صحابياً، فلا ريب أن إثبات ذلك مرتبط بإثبات إدراكه للنبي الأكرم صلوات الله عليه وآله، وهذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتحديد تاريخ ولادته، فذهب البعض إلى إدراجه في عداد الصحابة، واعتبر ابن الأثير ذلك نتيجة التصحيف في الخبر نافياً كون أبي الأسود من الصحابة، إلا أنّ القول بصحبته ينسجم تمام الانسجام مع مشهور ما ذكروه من أنّه توفي عام 69 هـ عن عمر ناهز الـ 85 سنة بل يتأكد ذلك على القول بأنّه توفي عن عمر ناهز المائة عام، فعلى الأول يكون عمره قبل الهجرة ست عشرة سنة وعلى الثاني يكون عمره 31 سنة.
وقد روى أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني إن أبا الأسود الدؤلي نعيُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وبيعة الحسن عليه السلام فقام على المنبر فخطب الناس ونعى لهم عليّاً عليه السلام فقال في خطبته وأن رجلاً من أعداء اللّه المارقة عن دينه اغتيال أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام في مسجده وهو خارج لتهجده في ليلة يرجى فيها مصادفة ليلة القدر، فقتله، فإنا للّه وإنا إليه راجعون، ثم بكى حتى اختلفت أضلاعه، ثم قال وقد أوصى بالإمامة بعده إلى ابن رسول اللّه وابنه وسليله وشبيهه في خلقه وهديه، وإنّي لأرجو أن يجبر اللّه به ما وهي، ويسدّ به ما انثلم، ويجمع به الشمل ويطفئ به نيران الفتنة، فبايعوه ترشدوا.
بعد حادثة كربلاء وشهادة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه رضوان الله عليهم تصدّى أبو الأسود لرثاء الإمام وهجاء عبيد الله بن زياد، كما هجى والي الزبيريين، خصوصا وإن آخر الشواهد التاريخية التي تتعلق بحياة أبي الأسود تعود إلى ثورة عبد الله بن الزبير وتنصيبه سنة 65 هـ الحارث بن عبد الله المخزومي المعروف بقُباع حاكماً على البصرة، وهجاء أبي الأسود الدؤلي له.
كما يذكر أصحاب التاريخ لقاء الدؤلي مع أبي ذر، ومن ذلم ما رواه الواقدي عن مالك بن أبي الرجال عن موسى بن ميسرة أن أبا الأسود الدؤلي قال كنت أحبّ لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه، فنزلت الربذة، فقلت له ألا تخبرني خرجت من المدينة طائعاً أم أُخرجت؟ فقال أخرجت منها إلى ما ترى.
وبخصوص مجمل علاقة الدؤلي باهل بيت النبوة، فهي علاقة عميقة، خصوصا مع أمير المؤمنين عليه السلام وحضوره إلى جنبه في معركة الجمل والمقاطع الشعرية التي نظمها في مدح ورثاء كلّ من الإمام علي والحسين عليهما السلام، كل ذلك ساعد على أن يدرج الرجل في عداد محبّي الإمام علي عليه السلام، وجاء في بعض المصادر- كما مر- أن سبب إعراض الحكّام والولاة عنه وتجاهلهم له وجفائهم له وعدم الاكتراث به وتلبية مطالبه يعود إلى علمهم بحبّه وميله لأهل البيت عليهم السلام.
علميا، فقد خاض أبو الأسود الدؤلي في الجدل الكلامي الذي عمّ البصرة، ونسب إلية البغدادي رسالة في ذم القدرية ـ وتعني المعتزلة الأولى ـ ، فيما ذكره المعتزلة في طبقات رجالاتهم القائلين بالعدل والتوحيد، وتعود هاتان النسبتان إلى ظهور كل من القدرية ثم المعتزلة التي غلب عليها الطابع العقلي الذي ألقى ظلاله عليها في معالجة القضايا وتصنيف العلوم.
أما شخصيته النحوية، فقد اقرنت اسمه علم النحو، بنحو طغت هذه الصفة على جمع خلال الرجل وخصاله وفضائله حتى صار مدينا لصفة (النحوي) في شهرته ومعروفيته في الوسط العلمي، وقد بلغت القصص المتعلقة بهذه القضية آلاف الصفحات مستلة من شتّى المصادر الأدبية والتاريخية وهناك الكثير من المقالات التي كتبها المعاصرون أيضاً التي توزعت بين التأييد والرفض.
ما زالت المصادر التأريخية شحيحة عن حياة الدؤلي، ولم تذكر لنا إلا النتف اليسيرة عنها، ومع ندرتها تحمل في كثير من الحالات كماً من التناقضات التاريخية بما في ذلك اسمه وكنيته، فهناك اختلاف كبير بين مترجمّي أبي الأسود حول اسمه وأسماء آبائه، وكل مؤرخ من القدماء أو المعاصرين يرجح اسماً ما أو يذكر الاسماء دون ترجيح أحدها، حتى أنّ بعض الباحثين وضع فهرسة لأسمائه وأسماء آبائه وأجداده المحتملة كالدجيلي مثلا.
وأشهر أسمائه ونسبه هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس ابن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وهذا قول الأكثر في اسمه، مع فلة فيمن يقول بأنه عمرو بن ظالم بن سفيان، وباقي نسبه سواء، وقيل إنه عثمان بن عمرو، ولا يمكن الركون إليها، كما ذكر البعض بأنه ظالم بن سارق، ومرد هذا التشتت هو الخلط بين الاسماء فإنّ بين سارق وسراق قرب شبه كبير في رسم الخط.
ويرجع نسب الدؤلي إلى كنانة مُضر التي كانت تقطن في عالية البصرة، وينتهي نسبه إلى خصوص الدُئل من كنانة.
أما بخصوص ولادته، فلم يعيّن التاريخ عام ولادة أبي الأسود، ولكن أكثر مترجميه ذكروا أنّه ولد في الجاهلية، فيما ذكر أبو حاتم السجستاني عبارة يظهر منها الشك والتردد أنّه ولد في الجاهلية، ونقل عنه أنّه ولد في عالم الفتح.
كما يذكر المؤرخون أن للدؤلي ولدين، هما عطاء وأبو حرب، فأما عطاء فكان على شرط أبيه بالبصرة، ثم بعج العربية هو ويحيى بن يعمر العدواني بعد أبي الأسود، ولا عقب لعطاء.
وأما أبو حرب فكان عاقلاً شجاعاً، ووالاه الحجاج جوخاً، وكان عقب أبي الأسود منه.
وبخصوص عام وفاته، فقط اختلف المترجمون في ذلك، فقد ذهب المشهور من المؤرخين والباحثين إلى القول بأنّه توفي سنة 69 هـ بمرض الطاعون الذي أهلك الكثير من البصريين، قيل مات قبل الطاعون بقليل بعلة الفالج مستنداً في ذلك بعدم وجود ذكر لأبي الأسود في قضية المختار، وذهب فريق آخر إلى القول بأنّه توفي إبّان حكومة عبيد الله بن زياد، فيما زعم آخرون أنّه عاش حتى أدرك حكم الحجاج بن يوسف، وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز.
وبخصوص احتمال كون الدؤلي صحابياً، فلا ريب أن إثبات ذلك مرتبط بإثبات إدراكه للنبي الأكرم صلوات الله عليه وآله، وهذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتحديد تاريخ ولادته، فذهب البعض إلى إدراجه في عداد الصحابة، واعتبر ابن الأثير ذلك نتيجة التصحيف في الخبر نافياً كون أبي الأسود من الصحابة، إلا أنّ القول بصحبته ينسجم تمام الانسجام مع مشهور ما ذكروه من أنّه توفي عام 69 هـ عن عمر ناهز الـ 85 سنة بل يتأكد ذلك على القول بأنّه توفي عن عمر ناهز المائة عام، فعلى الأول يكون عمره قبل الهجرة ست عشرة سنة وعلى الثاني يكون عمره 31 سنة.
وقد روى أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني إن أبا الأسود الدؤلي نعيُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وبيعة الحسن عليه السلام فقام على المنبر فخطب الناس ونعى لهم عليّاً عليه السلام فقال في خطبته وأن رجلاً من أعداء اللّه المارقة عن دينه اغتيال أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام في مسجده وهو خارج لتهجده في ليلة يرجى فيها مصادفة ليلة القدر، فقتله، فإنا للّه وإنا إليه راجعون، ثم بكى حتى اختلفت أضلاعه، ثم قال وقد أوصى بالإمامة بعده إلى ابن رسول اللّه وابنه وسليله وشبيهه في خلقه وهديه، وإنّي لأرجو أن يجبر اللّه به ما وهي، ويسدّ به ما انثلم، ويجمع به الشمل ويطفئ به نيران الفتنة، فبايعوه ترشدوا.
بعد حادثة كربلاء وشهادة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه رضوان الله عليهم تصدّى أبو الأسود لرثاء الإمام وهجاء عبيد الله بن زياد، كما هجى والي الزبيريين، خصوصا وإن آخر الشواهد التاريخية التي تتعلق بحياة أبي الأسود تعود إلى ثورة عبد الله بن الزبير وتنصيبه سنة 65 هـ الحارث بن عبد الله المخزومي المعروف بقُباع حاكماً على البصرة، وهجاء أبي الأسود الدؤلي له.
كما يذكر أصحاب التاريخ لقاء الدؤلي مع أبي ذر، ومن ذلم ما رواه الواقدي عن مالك بن أبي الرجال عن موسى بن ميسرة أن أبا الأسود الدؤلي قال كنت أحبّ لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه، فنزلت الربذة، فقلت له ألا تخبرني خرجت من المدينة طائعاً أم أُخرجت؟ فقال أخرجت منها إلى ما ترى.
وبخصوص مجمل علاقة الدؤلي باهل بيت النبوة، فهي علاقة عميقة، خصوصا مع أمير المؤمنين عليه السلام وحضوره إلى جنبه في معركة الجمل والمقاطع الشعرية التي نظمها في مدح ورثاء كلّ من الإمام علي والحسين عليهما السلام، كل ذلك ساعد على أن يدرج الرجل في عداد محبّي الإمام علي عليه السلام، وجاء في بعض المصادر- كما مر- أن سبب إعراض الحكّام والولاة عنه وتجاهلهم له وجفائهم له وعدم الاكتراث به وتلبية مطالبه يعود إلى علمهم بحبّه وميله لأهل البيت عليهم السلام.
علميا، فقد خاض أبو الأسود الدؤلي في الجدل الكلامي الذي عمّ البصرة، ونسب إلية البغدادي رسالة في ذم القدرية ـ وتعني المعتزلة الأولى ـ ، فيما ذكره المعتزلة في طبقات رجالاتهم القائلين بالعدل والتوحيد، وتعود هاتان النسبتان إلى ظهور كل من القدرية ثم المعتزلة التي غلب عليها الطابع العقلي الذي ألقى ظلاله عليها في معالجة القضايا وتصنيف العلوم.
أما شخصيته النحوية، فقد اقرنت اسمه علم النحو، بنحو طغت هذه الصفة على جمع خلال الرجل وخصاله وفضائله حتى صار مدينا لصفة (النحوي) في شهرته ومعروفيته في الوسط العلمي، وقد بلغت القصص المتعلقة بهذه القضية آلاف الصفحات مستلة من شتّى المصادر الأدبية والتاريخية وهناك الكثير من المقالات التي كتبها المعاصرون أيضاً التي توزعت بين التأييد والرفض.
الأكثر قراءة
25883
18684
13876
10740