17 شوال 1445 هـ   26 نيسان 2024 مـ 7:27 مساءً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

 | أفكار ونظريات |  انتظار الفرج... أفضل التكاليف الشرعية
2021-11-20   1075

انتظار الفرج... أفضل التكاليف الشرعية

يشكك البعض في جدوى التكاليف الشرعية، بل وربما يطعن في فلسفتها، متحججا بانها متعبة أو أنها خالية من القصود، وهو ما لا يمكن تصوره، لأنها صادرة من عليم حكيم، رؤوف رحيم بالعباد.
وبغية معرفة طبيعة هذه التكاليف، لا بد لنا من استنطاق ماهيتها وما وراؤها من أهداف. 

انسجامها من القدرة العادية للإنسان
تتسق التكاليف الإلهية للإنسان ـ من أوامر ونواهي ـ مع قدرته واستطاعته، ولا يمكن تصور أن تكون هذه التكاليف خارج ذلك، أتساقا مع قوله تعالى: ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ... ))(سورة البقرة ـ 286)، وينسحب هذا الى ما فرض عليه من صلاة وصوم وحج وزكاة وخمس وغير ذلك من التكاليف التي يستطيع أداءها بيسر وسهولة على الرغم من كونه يستطيع لما هو أكثر وأكبر، كما يبينه ذلك الإمام جعفر الصادق عليه الصلاة والسلام بقوله: "ما كلف الله العباد فوق ما يطيقون, فذكر الفرائض, وقال: إنما كلفهم صيام شهر من السنة, وهم يطيقون أكثر من ذلك".
كما يتسق هذا مع ما بينه أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام في قوله: "وإن الله سبحانه أمر عباده تخييرا، ونهاهم تحذيرا، وكلَّف يسيرا ولم يكلِّف عسيرا، وأعطى على القليل كثيرا. ولم يُعصَ مغلوبا، ولم يُطَع مُكرِها، ولم يرسِل الأنبياء لعبا، ولم يُنزل الكتب للعباد عبثا، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، "ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار"".

كونها في صالح الإنسان ومصلحته.
لم تُشرع هذه التكاليف الإلهية تعسفيا على الإنسان، بل ثمة مصلحة ما في تطبيقها، وإن قصرت الأذهان عن تصورها، بل أنها لمصلحته دنيويا وآخرويا، ويتبين ذلك من خلال نظرنا إلى وجهتها بالقياس مع دورنا في هذه الحياة، دورنا الذي يرسمه لنا الدين المتفاعل مع الحياة، حيث نجد فرقاً كبيراً بين أن نتعامل مع الدين على أساس أنَّه يبعدنا عن الحياة الى الآخرة، وبين أن نتعامل معه ليوصلنا الى حياة أفضل بتفاعلية حقيقية توصلنا لله جل شأنه من خلال فعاليتنا الدنيوية، فضلا عما توصله لنا هذه الفاعلية من أهمية لوجودنا، اتساقا مع قوله تعالى: ((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون))(سورة التوبة ـ 105). 
كما ان هذه التكاليف أنما هي مدار قرب الفرد من ربه؛ بعدما تشكل له منظومته العقائدية والعقدية الخاصة بعلاقته بربه، حسبما يبينه الحديث النبوي الشريف على قائله افضل الصلاة واتم التسليم: "اعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس"، وقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسام: "من أخلص بلغ الآمال".

كونها رياضة روحية وبدنية، فردية وجماعية
كما تتصف هذه التكاليف بكونها مدرسة تربوية يروض من خلاله الإنسان نفسه، ويبنى ما هدم من بينان روحه وانكساراتها، ويرمم علاقاته الثلاث، مع ربِّه أولا؛ ومع نفسه ثانيا، ومع مجتمعه وبيئته ثالثا، إذ أنها تقوي علاقته بربه، من جهة، وتربي نفسه من خلال ضوابط الحلال والحرام من جهة ثانية، وتنمي حالة الجماعة لديه من خلال متابعة علاقاته ودوره مع الآخرين في المجتمع من جهة ثالثة.
ومن التكاليف التي تُقّوم علاقة الفرد مع ربه ونفسه ومحيطه، هي لزوم الجماعة على طريق الحق ونصرته، على اعتبار أن مؤشر النجاح المجتمعي لا بد أن يتعكز على أمرين اثنين، هما: 
ـ ملازمة الجماعة.
ـ إتباع القيادة.
فعن رسول الإنسانية صلوات الله تعالى عليه قال: "من فارق جماعة المسلمين, فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه"، قيل له: "يا رسول الله، وما جماعة المسلمين؟"، قال صلوات الله تعالى عليه: "جماعة أهل الحق وإن قلوا".
وفي حديث أخر، قال صلوات الله تعالى عليه وآله: "من فارق جماعة المسلمين قيد شبر, فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، ومن مات ليس عليه إمام فميتته جاهلية، ومن مات تحت راية عمية يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتلتُهُ جاهلية".

أفضل التكاليف..
على هذا وذاك، فأن التكاليف الإلهية متنوعة ومتعددة، وخلف كل منها ما خلفه من فلسفة ومعنى وقصد، ومن ذلك تكليف انتخاب القائد الحقيقي الذي يمكن أن يُسلم له المرء شؤون دينه ودنياه، وليس هذا أمراً مستحباً عابراً، ولا خياراً يمكن تركه أو التخلي عنه، إذ من دون القيادة الربانية؛ قد يضيع الإنسان ويضل الطريق، لذا فقد وسّط الله هؤلاء القادة الربانيين بينه وبين بقية عباده، ليكونوا هداة وقادة لهم، وأفضل هذا التكاليف هي انتظار القائد الرباني المهدي المنتظر من آل محمد صلوات الله تعالى عليهم، فقد ورد عن أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام قوله عن رسول الله صلى اله عليه وآله: "أفضل العبادة انتظار الفرج"، وعن الإمام العسكري عليه الصلاة والسلام عن رسول الله صلوات الله تعالى عليه وآله: "أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج من الله عزَّ وجل". 

 

العلوية فاطمة الجابري

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م