| مراقد وشواهد | مرقد الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي رضوان الله تعالى عليه
2021-10-26 1962
مرقد الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي رضوان الله تعالى عليه
يقع مرقد الصحابي الجليل حجر (بضم
الحاء وسكون الجيم) بن عدي الكندي؛ في مدينة مرج عذراء، الواقعة في
الشمال الشرقي لمدينة دمشق، بمسافة (30) كم على يمين الطريق المتجهة
منها صوب حمص، وهي قرية صغيرة بغوطة دمشق، وسميت بـ "العذراء" لأنها
"لم تُنل بمكروه ولم يُصب سكانها بإذً من عدو".
وفي مرج عذراء هذه، توجد قبة عامرة عالية الى جانب مئذنة براقة رمادية اللون؛ مشيدة على قبر حجر واصحابه، وللضريح باحة واسعة (صحن) تنوعت جنباتها وجدرانها بالهدايا الثمينة وافترشت ارضيتها بالفرش النفيسة والسجاد الفاخر، وعُلقت على احدى جدرانها هذه الأبيات:
ماذا أقول بحجرٍ بعد تضحيتـــــه نفسي الفــــــــداء بحجر وهو مقتولُ
فحب الإمام علي كــان منهلـــــه قــــــد ذاب فـي حبه والسيف مسلول
هذا الولاء وإلا كــــــان مهزلــــة أو لا ادعاء لكذب وهو معســـــــول
ما أنت يا حجر إلا رمــــــــز تضحيـة في كل جيلٍ له حمـــــد وتهليل
كنت الشهيد وفي التاريخ مفخرة وذكـر خصمـــك في التاريخ مرذول
في حين كتبت على الصخرة الموجودة في قبة الضريح الشريف هذه الكلمات:
"بسم اللَّه الرحمن الرحيم... سكان هذا الضريح أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم، حجر بن عدي، حامل راية رسول اللَّه صلوات الله عليه وآله وصفي بن فسيل الشيباني، وقبصة بن ضبيعة، وكرم بن حيان، ومحرز بن شهاب السعدي وشريك بن شداد الحضرمي
والصحابي حجر هو أبن لعدي بن معاوية بن جبلة بن عدي الكندي، ويكنى بـ "أبو عبد الرحمن" في حين أن لقبه هو "حجر الخير"، وذلك لشدة تعبده وزهده وورعه، فضلا عن تمييزه عن حجر ابن عمه الملقب بـ حجر الشر؛ لأنه كان من جنود معاوية ومن مريدي البيت الأموي.
ودخل حجر الإسلام وهو شابا عندما قدم مع أخيه هاني بن عدي الى النبي محمد صلوات الله عليه وآله في المدينة المنورة، معلنين بذلك إسلامهم أمام الأشهاد.
وكان حجر شريفا في قومه أميرا مطاعا بالمعروف، شهد مع الإمام علي عليه السلام معركة صفين، وكان يتسم بالصلاح والتعبد والزهد، ومن فرط قربه لأمير المؤمنين علي عليه السلام، كان حجر من المعدودين الذين شاركوا في دفن جثمان الصحابي أبا ذر الغفاري رضوان الله تعالى عليه؛ خصوصا وأن الأخير ممن عُرف بمناوئته للسلطات التي حرّفت الدين الإسلامي عن موضعه آنذاك، ما جعلها ـ السلطات الأموية ـ تقتله وتحارب مريديه ومحبيه بل وتمنع دفنه.
ولما كان حجر من الرافضين لسياسة الظلم الأموي وحالة الاغتصاب للسلطة الشرعية، راح يُبين للناس انحراف الأمويين عن جادة الإسلام، ويوضح لهم انقلابهم على المسار المحمدي الأصيل، حتى ضاق والي الكوفة ـ زياد ابن ابيه ـ به ذرعا؛ فكتب الى معاوية بخصوصه، ليشير عليه الأخير بأن يُشدّد عليه بالحديد ويلجمه ويحمله أليه، ما دفع حجر للهروب والتخفي، الا أن وصول البطش الأموي لعشيرة حجر ـ كندة ـ دفعه لأن يُسلم نفسه؛ ليوصلوه لمعاوية في الشام، ولكن معاوية تردد في قتله؛ لما له ـ حجر ـ من فضيلة صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله؛ ما قد يثور المسلمين على الحكم الأموي ويكشف مخططاتهم ضد الإسلام، فتمهل معاوية في ذلك، وأستفهم من واليه على الكوفة بخصوص حجم حجر في نفوس الكوفيين، الا أن جواب أبن أبيه كان :" أن كانت لك حاجة بهذا المصر، فلا تردّن حجرا واصحابه ألي"، ما دفع معاوية لأن يُخّير حجر وأصحابه بين القتل او البراءة من تتمة الرسالة المحمدي في وصيه الشرعي الإمام علي عليه السلام، ليجيب حجر :" إن العبرة على حد السيف لأيسر علينا مما تدعونا إليه، ثم القدوم على الله، وعلى نبيه، وعلى وصيه؛ أحبّ إلينا من دخول النار" ، فقال له السياف:" مدّ عنقك لأقتلك"، فأجابه :"أني لا أعين الظالمين على ظلمهم".
وذكر المؤرخون بأن حجرا طلب من قاتله بأن يقتل أبنه أولا! لئلا يرى هول السيف على عنق أبيه ويتراجع عن ولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام، ليأتي بعد ذلك دور حجر في نيل الشهادة، مظلوما بالسيف وذلك سنة (51) من الهجرة الشريفة، ليُدفن في موضعه المعروف اليوم بـ "مرج عذراء"، الا أن يد البطش الأموي بنسخته الجديدة والمتمثلة بـ (داعش)، كانت قد عادت اليه مرة أخرى ونبشت قبره بعد قرابة (1400) عام من استشهاده؛ حقدا على منهجه كونه آمن بوصي النبي الأكرم، الإمام علي عليهما السلام.
والمفارقة الـتاريخية العجيبة هي أن حجرا أول مسلم فتح بلدة "مرج عذراء" وأول من كّبر فيها، إلا أنه قُتل فيها شهيدا مظلوما ممن تولى السلطة غصبا باسم الإسلام.
وفي مرج عذراء هذه، توجد قبة عامرة عالية الى جانب مئذنة براقة رمادية اللون؛ مشيدة على قبر حجر واصحابه، وللضريح باحة واسعة (صحن) تنوعت جنباتها وجدرانها بالهدايا الثمينة وافترشت ارضيتها بالفرش النفيسة والسجاد الفاخر، وعُلقت على احدى جدرانها هذه الأبيات:
ماذا أقول بحجرٍ بعد تضحيتـــــه نفسي الفــــــــداء بحجر وهو مقتولُ
فحب الإمام علي كــان منهلـــــه قــــــد ذاب فـي حبه والسيف مسلول
هذا الولاء وإلا كــــــان مهزلــــة أو لا ادعاء لكذب وهو معســـــــول
ما أنت يا حجر إلا رمــــــــز تضحيـة في كل جيلٍ له حمـــــد وتهليل
كنت الشهيد وفي التاريخ مفخرة وذكـر خصمـــك في التاريخ مرذول
في حين كتبت على الصخرة الموجودة في قبة الضريح الشريف هذه الكلمات:
"بسم اللَّه الرحمن الرحيم... سكان هذا الضريح أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم، حجر بن عدي، حامل راية رسول اللَّه صلوات الله عليه وآله وصفي بن فسيل الشيباني، وقبصة بن ضبيعة، وكرم بن حيان، ومحرز بن شهاب السعدي وشريك بن شداد الحضرمي
والصحابي حجر هو أبن لعدي بن معاوية بن جبلة بن عدي الكندي، ويكنى بـ "أبو عبد الرحمن" في حين أن لقبه هو "حجر الخير"، وذلك لشدة تعبده وزهده وورعه، فضلا عن تمييزه عن حجر ابن عمه الملقب بـ حجر الشر؛ لأنه كان من جنود معاوية ومن مريدي البيت الأموي.
ودخل حجر الإسلام وهو شابا عندما قدم مع أخيه هاني بن عدي الى النبي محمد صلوات الله عليه وآله في المدينة المنورة، معلنين بذلك إسلامهم أمام الأشهاد.
وكان حجر شريفا في قومه أميرا مطاعا بالمعروف، شهد مع الإمام علي عليه السلام معركة صفين، وكان يتسم بالصلاح والتعبد والزهد، ومن فرط قربه لأمير المؤمنين علي عليه السلام، كان حجر من المعدودين الذين شاركوا في دفن جثمان الصحابي أبا ذر الغفاري رضوان الله تعالى عليه؛ خصوصا وأن الأخير ممن عُرف بمناوئته للسلطات التي حرّفت الدين الإسلامي عن موضعه آنذاك، ما جعلها ـ السلطات الأموية ـ تقتله وتحارب مريديه ومحبيه بل وتمنع دفنه.
ولما كان حجر من الرافضين لسياسة الظلم الأموي وحالة الاغتصاب للسلطة الشرعية، راح يُبين للناس انحراف الأمويين عن جادة الإسلام، ويوضح لهم انقلابهم على المسار المحمدي الأصيل، حتى ضاق والي الكوفة ـ زياد ابن ابيه ـ به ذرعا؛ فكتب الى معاوية بخصوصه، ليشير عليه الأخير بأن يُشدّد عليه بالحديد ويلجمه ويحمله أليه، ما دفع حجر للهروب والتخفي، الا أن وصول البطش الأموي لعشيرة حجر ـ كندة ـ دفعه لأن يُسلم نفسه؛ ليوصلوه لمعاوية في الشام، ولكن معاوية تردد في قتله؛ لما له ـ حجر ـ من فضيلة صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله؛ ما قد يثور المسلمين على الحكم الأموي ويكشف مخططاتهم ضد الإسلام، فتمهل معاوية في ذلك، وأستفهم من واليه على الكوفة بخصوص حجم حجر في نفوس الكوفيين، الا أن جواب أبن أبيه كان :" أن كانت لك حاجة بهذا المصر، فلا تردّن حجرا واصحابه ألي"، ما دفع معاوية لأن يُخّير حجر وأصحابه بين القتل او البراءة من تتمة الرسالة المحمدي في وصيه الشرعي الإمام علي عليه السلام، ليجيب حجر :" إن العبرة على حد السيف لأيسر علينا مما تدعونا إليه، ثم القدوم على الله، وعلى نبيه، وعلى وصيه؛ أحبّ إلينا من دخول النار" ، فقال له السياف:" مدّ عنقك لأقتلك"، فأجابه :"أني لا أعين الظالمين على ظلمهم".
وذكر المؤرخون بأن حجرا طلب من قاتله بأن يقتل أبنه أولا! لئلا يرى هول السيف على عنق أبيه ويتراجع عن ولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام، ليأتي بعد ذلك دور حجر في نيل الشهادة، مظلوما بالسيف وذلك سنة (51) من الهجرة الشريفة، ليُدفن في موضعه المعروف اليوم بـ "مرج عذراء"، الا أن يد البطش الأموي بنسخته الجديدة والمتمثلة بـ (داعش)، كانت قد عادت اليه مرة أخرى ونبشت قبره بعد قرابة (1400) عام من استشهاده؛ حقدا على منهجه كونه آمن بوصي النبي الأكرم، الإمام علي عليهما السلام.
والمفارقة الـتاريخية العجيبة هي أن حجرا أول مسلم فتح بلدة "مرج عذراء" وأول من كّبر فيها، إلا أنه قُتل فيها شهيدا مظلوما ممن تولى السلطة غصبا باسم الإسلام.
الأكثر قراءة
25517
18661
13823
10674