17 شوال 1445 هـ   26 نيسان 2024 مـ 4:04 صباحاً كربلاء
سجل الايام
القائمة الرئيسية

2022-04-20   494

احترام عقيدة الآخرين

اعتنقت البشرية على مدى العصور والدهور؛ أديانا متعددة، وعقائد مختلفة، منها ما هو سماوي جاءت به الانبياء والرسل، ومنها ما هو وضعي أوجده الانسان بنفسه، فقد ذهب الانسان في قضية العقائد مذاهب شتى، وتعتبر العقيدة بغض النظر عن كونها دينية أو سياسية أو اجتماعية أو غير ذلك، أقوى رابطة في حياة الانسان، تفوق رابطة الدم والعرق والنسب، لذا لم يكن من السهل على الانسان، اذا لم يكن من المتعذر عليه تبديل دينه أو عقيدته، لأنه  يعتقد دائما أن  ما يؤمن به هو الصحيح، ولا صحيح غيره، وأن العقائد الاخرى جميعها فاسدة وباطلة جملة وتفصيلا، وأن العمل بعقيدته فقط مبرءٌ للذمة، وما سواها محض كفر والحاد، لذا أوجب على نفسه أن يدافع عن عقيدته دفاعا مستميتا، وأن يتفانى ويبذل ويضحي ويموت من أجلها، فهو يقف أمام معبوده بكل خشوع وتذلل وخضوع، يقشعر له بدنه، وتذوب فيه نفسه، حتى لو كان ذلك المعبود حجرا أو كوكبا او غير ذلك، فقد عبد الانسان منذ أقدم العصور الاصنام والشمس والقمر والنجوم والنار والفرج وبعض الحيوانات كالبقر والجرذ.
وغالبا ما تكون الاديان والمعتقدات وراثية المنشأ ((قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون)) (الشعراء - 74)، فليس هناك من يحقق ويدقق في صحة دينه ومنشأ عقيدته، لاعتقادهم أن الاجداد هم أكثر علما ومعرفة منهم، وأن اختيارهم كان هو الصحيح، بل وأن تقادم العقيدة وتوغلها في الزمن وعدم انقراضها، يدل على أحقيتها من وجهة نظرهم.
لقد حدثت النزاعات الدينية والطائفية والعقائدية منذ أقدم العصور ولازالت، واشتعلت الحروب والفتن التي أكلت الاخضر واليابس، وأهلكت الحرث والنسل، واستمرت لفترات طويلة، كل ذلك كان بسبب التعصب الديني والعقائدي، وغالبا ما يكون تعصبا أعمى، يعمد الى إقامة الطرف الاول مؤمنا ومحقا، وتسقيط الطرف الاخر باعتباره كافرا ومنحرفا عن جادة الصواب.


الاسلام واحترام الاديان والمعتقدات 
ينطلق الاسلام من مبدأ أن الناس جميعا خلقوا من نفس واحدة كلكم من آدم وآدم من تراب، لذا فإن الكل سواسية أمام شرع الله كأسنان المشط، ولا فضل لغني على فقير، ولا لأبيض على اسود الا بالتقوى ((إن اكركم عند الله أتقاكم)) (الحجرات -13).
الاسلام لا يلزم أحدا على اعتناق عقيدته، فان العقيدة لا تقوم الا على الاقناع والرضا ((لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)) (البقرة - 256)، وعلى هذا الاساس فان تعاليم الاسلام دأبت على عدم جواز قتال الكافرين؛ الا في موارد خاصه كالدفاع عن النفس، أو قتل من تختلف عقيدته، أو التعّدي عليه أو إجباره على اعتناق الاسلام، وما الحروب والغزوات التي حدثت أبّان صدر الإسلام، الّا وكانت حروبا دفاعية، وإن كان البادئ فيها أحيانا هم المسلمون، فان في بعض المواقف يكون فيها الهجوم وسيلة للدفاع. 
يؤمن الاسلام بالحوار الهادئ مع الاديان الاخرى مستنيرا بالآية الكريمة ((أدعُ الى سبيل ربك بالرحمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)) (النحل -125)، والآية ((لا اكراه في الدين)) (البقرة ـ 256)، وما حصل في عصر صدر الاسلام من فتوحات، فهي أخطاء محسوبة على فاعليها وليس على الإسلام، اذ لم يكن الاسلام يؤمن باستخدام السيف لنشر الدين أبدا، نقول للذين يتهموننا بذلك أن بلاد الاندلس قد فتحت بالسيف، فأين هي الان وأين اسلامها؟ بينما اندونيسيا هي الان أكبر بلد اسلامي في العالم، لم يدخله السيف الاسلامي أبدا.

جميع الحقوق محفوظة لموقع (الإسلام ...لماذا؟) - 2018 م